العزف على أنوار الذكر
العزف على أنوار الذكر
Genres
وأنت إذ تنظر في قول الله ﷿: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ (صّ:٢٩) تر أنّه ﷾ قال (ليدّبروا) في قراءة الجماعة، ولتَدَبَّرُا في قراءة أبي جعفر.
قراءة "أبي جعفر" بالتاء (المثناة الفوقية) هي لكل من يصح خطابه ولا سيما من كان أمة الإجابة وعلى رأسها المخاطب بصدر الآية سيدنا محمد ﷺ. وقراءة الجماعة بالياء (المثناة التحتية) لم تعين مرجع (الواو) كمثل ما جاء التعيين في (ليَتذَكّر) إذ جعله من أولي الألباب (وَلِيَتَذَكّرَ أُولُو الألْبَاب)، إشارة إلى أنَّ التَّذكُّرَ منزلةٌ مُتَرَتِّبَةٌ على حسن التدبر، فمن قام بشيءٍ من حق التَّدبُّر كان له من التذكر نصيب على قدر لبّه، وكثيرًا ما يقرِنُ التذكر بأولي الألباب: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ﴾ (البقرة:٢٦٩)
واللب هو خالص القلب الذي به يكون التعقل والتفكر والتذكر، والله ﷿ قدْ حَثَّ عبادَه على تدبُّره مقررًا اتِّساقه قائلا ﷾: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾ (النساء:٨٢)
فقرر أنَّ ما يكون من عند غير الله ﷾ فيه الاختلاف الكثير أمَّا ما كان من عنده ﷻ فلا اختلاف فيه البتة، ولكنْ فيه تصريفُ البيان عن المعاني المحقق لبيان المراد كماله
1 / 10