178

The Messengers and the Messages

الرسل والرسالات

Maison d'édition

مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع،الكويت،دار النفائس للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الرابعة

Année de publication

١٤١٠ هـ - ١٩٨٩ م

Lieu d'édition

الكويت

Genres

وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ - وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ - وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًاّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) [الأنعام: ٨٣-٨٦] . وقد أخبر الرسول ﷺ أنّه: " ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر " (١) . ويؤخذ من الحديث أن الأنبياء والمرسلين أفضل الخلق، وأنّ أفضل رجل بعدهم أبو بكر الصديق. وقريب من هذا الحديث قول الرسول ﷺ في أبي بكر وعمر " هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلاّ النبيين والمرسلين " (٢) . وقد رتب الله عباده السعداء الذين أنعم عليهم أربع مراتب، قال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: ٦٩] . فأول هذه المراتب وأعلاها الأنبياء ثم الصديقون ثم الشهداء، ثم الصالحون. لا مجال للمصادفة: قد يظنّ ظانٌ أن للمصادفة هنا محلًا، وأن من الأنبياء من أصابته النبوة وهو لا يستحقها، معاذ الله، ولكنّ الله العليم الحكيم الخبير نظر في معادن العباد وقلوبهم، واختار منهم واصطفى الأفضل الأكمل، وصدق الله إذ يقول: (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) [الأنعام: ١٢٤] . إنّ حكمة الله وعلمه قاضيان بأن لا تمنح النبوة والرسالة إلاّ للمستعد لها والقادر على حملها (٣)، وإذا تأملت في سيرة أنبياء الله ورسله رأيتهم أبرّ الناس

(١) أخرجه بنحوه عبد بن حميد في «مسنده» ورقمه: (٢١٢) من حديث أبي الدرداء، وأخرجه أيضًا عبد الله بن أحمد في كتاب «فضائل الصحابة» ورقمه: (٥٠٨) . ولفظه في «مسند عبد بن حميد»: عن أبي الدرداء، أن رسول الله ﷺ قال: " ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد أفضل، وأخير، من أبي بكر، إلا أن يكون نبيٌّ ". (٢) أخرجه الترمذي: (٣٦٦٤) من حديث أنس بن مالك، و(٣٦٦٥) من حديث علي بن أبي طالب، وكلاهما صحيح. (٣) المهتدون بهدى الكتاب والسنة يرون أنّ الرسل أفضل الخلق وأكملهم، وقد اختارهم العليم الخبير كي يكونوا سفراءه إلى خلقه، وينبغي أن نفرق بين ما جبلهم الله عليه من الفضائل والمزايا وبين ما أوحاه إليهم، فالذي أوحي إليهم به لم يكن لهم به علم، وليس لذكائهم وفظنتهم من شيء فيه، ولذلك قال الله لرسوله: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الإيمانُ) [الشورى: ٥٢] وهذا يرد على ذلك الصنف من الذين يزعمون أنهم يعظمون الرسول ﷺ، ويصفونه بالعبقرية، ثم ينسبون كل شيء إلى عبقريته، حتى العلوم التي جاء بها، وهذه خدعة ماكرة، يريدون من ورائها إنكار الوحي، ونسبة هذه العلوم الإلهية الربانية إلى العبقرية المحمدية، ونحن في الرد عليهم لا نشتط فننكر مزايا الرسول وفضله، ولكننا نبطل باطلهم، ونثبت الجانب الحق فيه، وهو أن محمدًا ليس عبقريًا فقط، بل هو مع ذلك رسول رب العالمين.

1 / 210