القضايا الكبرى
القضايا الكبرى
Maison d'édition
دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Numéro d'édition
١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١
Lieu d'édition
سورية
Genres
للعمل المشترك؛ كما تمثِّل تلك الأغاني الحانية لِنَواتِيِّ نهر الفولغا (Volga) التي ترافق انهِماكَهُمْ في سحب الحبال الجاذبة للقوارب، صورة مُفْصِحَةً أخرى للوضع نفسه الذي ينتظم العمل البشري عندما يُنَفَّذُ بأيدٍ عديدة.
وفي حالة ألمانيا تتَّحد المفهومية من حيث هَوِيَّتُها مع الثقافة الألمانية ذاتها، وهي ثقافة (الأنا) و(الإنسان الأعلى) لكلٍّ من فِخْتَهْ ونِيتْشَه (Fichte et Nietzsche). ويمتلك العمل في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية نشيده كذلك، وهو النشيد الذي أدَّى بعمال السكك الحديدة في موسكو سنة ١٩٢١ إلى التطوع بتقديم ساعات إضافية، كما شحَذَ هِمَّة الأودارنيكيِّين (Oudarnikis) فانقضُّوا على البريَّة ورَوَّضوها، ثم اسْتَحَثَّ الستاخانوفيِّين (Stakhanovistes) لذلك الكدح الجبَّار الذي تَوَّجَهُ غاغارينْ (Gagarine) بغَزوِ الفضاء ...
وقد كانت للمجتمع الإسلامي الوليد نفسُ الهِمَّة عندما كان يسمع نشيد الإسلام الفتيِّ في أعماق روحه، ذلك النشيد الذي كان يسوق الأبطال إلى ميادين القتال، أو إلى حظائر الشغل سواء.
فقد كان (عمَّار بن ياسر) بطلَ الشُّغل الذي سمع هذا النشيد في غور روحه، عندما كان يحمل صخرتين بدل صخرة واحدة لبناء المسجد الأوَّل للإسلام (بالمدينة).
إلا أن هذا النشيد الذي يقود الشعب، عندما تتعلق القضيَّة بمصيره، إلى ميادين القتال أو إلى حظائر الشغل، لا ينبعث من العدم، أو من مجرد ارتجال أدبيٍّ أو موسيقيّ، ولا حتى من صرخة الألم التي يطلقها إنسان جريح؛ فهذا النشيد لا يمكن أن ينبعث إلا من روح الشعب ذاتها، من تقاليده، ومن تاريخه، ومن كل ما يجعل عمَلَه أو نضالَه مقدَّسًا في ناظرَيْه.
1 / 107