القضايا الكبرى
القضايا الكبرى
Maison d'édition
دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Numéro d'édition
١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١
Lieu d'édition
سورية
Genres
التخصيص، بدل أن تصبح مستعمرة إنكليزية أو برتغالية، خلال مئة وثلاثين عامًا؛ فإن الأسباب التاريخية العامة هي التي تحدّد الشروط الواقعية للتخلُّف في أي بلاد متخلفة. وليس من عمل الصدفة أن تمَّ إدماج (ليبيا) و(تونس) و(مصر) على سبيل المثال وبالتوالي، ضمن النظم السياسية لكل من: إيطاليا، وفرنسا، وإنكلترا في قليل أو كثير، ولكنها لم تندمج داخل النظم الاجتماعية- الثقافية لهذه البلدان النَّامية. فقد كان لهذه البلدان العربية الإسلامية والإفريقية الثلاثة طوال العهد الاستعماري، ثلاث وضعيات قانونية سياسية مختلفة، ولكن وضعيتها الاجتماعية- الثقافية كانت هي نفسها على وجه التقريب. ذلك أن العوامل المحلية تحقق التباين، بينما تعمل العوامل العامة على الوحدة.
ومشاكل الإنسان تظل متوقفة على هذه العوامل الأخيرة بالخصوص، ذلك أنها مشاكل حضارة.
ولقد ترتَّبَتْ على الواقع المتمثل في إهمال العالَم الإسلامي لهذا المظهر، النتيجة التي نشاهدها: حيث اقتحم الزِّيُّ الأوروبي، والبوقُ، والطنبور، والهاتف، والسيارة، شتى بلدان العالم الإسلامي بصورة مفاجئة منذ خمسين سنة، ولكن مشاكل التخلُّف ظلت راسخة القدم داخل هذه البلدان.
فقد أردنا بدل الاضطلاع بتشييد حضارة، أن نقوم بتكديس منتجاتها.
ولم يكن عملُ النهضة الإسلامية طوال السنوات الخمسين الأخيرة، يمثل تشييدًا، ولكن تكديسًا للعتاد.
فعملية البناء لم تبدأ بالعالم الإسلامي إلا سنة ١٩٥٢م في مصر، ومع ثورة أول نوفبر سنة ١٩٥٤م بالجزائر.
ولكن روح التكديس و(الشيئية)، التي يجب التخلُّص منها، ما انفكَّت مستمرة البقاء، وهي قد تَتَبَدَّى أحيانًا تحت مظهر مشتطّ في الْهَزْلِ: وذلك عندما
1 / 50