التفسير اللغوي للقرآن الكريم
التفسير اللغوي للقرآن الكريم
Maison d'édition
دار ابن الجوزي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٢هـ
Genres
٣ - وقالَ: «كنتُ لا أدري ما فاطر السماوات؟ حتى أتاني أعرابيانِ يختصمانِ في بئرٍ، فقالَ أحدُهما: أنَا فطرتها؛ يعني: أنا ابتدأتها» (١).
وقد ورد هذا عن بعض أئمة اللُّغة، قال ابن الأعرابي (ت:٢٣١): «أنا أولُ من فطر هذا؛ أي: ابتدأه» (٢).
٤ - وعن مجاهد (ت:١٠٤) في قوله تعالى: ﴿فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا﴾ [العاديات: ٢] قال: «المكرُ، تقولُ العربُ - إذا أرادَ الرجلُ أن يمكرَ بصاحبِه ـ: أمَا واللهِ لأقدحنَّ لك» (٣).
وقد ورد في بعض كتبِ اللُّغةِ قريبٌ من هذا، يقال: قدح في ساق أخيه: إذا غشَّهُ، وعَمِلَ في شيءٍ يكرهه (٤). كما ورد فيها: اقتدحَ الأمرَ: تدبَّرَهُ (٥).
ولفظُ المكرِ فيه شيءٌ من معنى التَّدبرِ؛ إذ يشتركان في إعمال الفكر والتأمُّل، وإن كان المكرُ أخصَّ من التَّدبرِ.
٥ - وقال عكرمة (ت:١٠٥) في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢]: «إن العربَ إذا اشتدَّ القتالُ فيهم والحربُ، وعَظُمَ الأمرُ فيهم، قالوا لِشِدَّةِ ذلك: قد كشفتْ الحربُ عن ساقٍ، فذكرَ اللهُ شِدَّةَ ذلك اليوم بما يعرفون» (٦).
(١) فضائل القرآن، لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص:٢٠٦) وقد سبق ذكر هذا الأثر، ينظر من هذا البحث (ص:٨٠). (٢) تهذيب اللغة (١٣:٣٢٦)، وينظر في مادة (فطر): العين (٧:٤١٨)، والصحاح، وديوان الأدب (٢:١١١)، والمحكم، ولسان العرب، وتاج العروس. (٣) الدر المنثور (٨:٦٠٢). (٤) ينظر: مادة (قدح) في لسان العرب وتاج العروس. (٥) ينظر: أساس البلاغة، مادة (قدح). (٦) الدر المنثور (٨:٢٥٥). ويلاحظُ أنه قد وردت الروايةُ بهذا التفسير عن ابن عباس وتلاميذه، وهم قد حملوا الآية على هذا المعنى اللغويِّ، لأنه - والله أعلمُ - لم يَرِدْ =
1 / 87