105

القيامة الكبرى

القيامة الكبرى

Maison d'édition

دار النفائس للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

السادسة

Année de publication

١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م

Lieu d'édition

الأردن

Genres

المطلب الثاني
إحباط أعمالهم
أعمال الكفار قسمان: قسم هو طغيان وبغي وإفساد في الأرض ونحو ذلك، فهذه أعمال باطلة فاسدة لا يرجو أصحابها من ورائها خيرًا، ولا يتوقعون عليها ثوابًا.
وقد شبه القرآن هذه الأعمال بالظلمات التي يركب بعضها بعضًا: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) [النور: ٤٠] .
والقسم الثاني: أعمال يظنون أنها تغني عنهم من الله شيئًا، كالصدقة والعتاق وصلة الأرحام والإنفاق في سبل الخير، وقد ضرب الله في كتابه لهذا النوع من الأعمال أمثلة.
فشبهها في بعض المواضع بالسراب الذي يظنه رائيه ماء، ولكنه عندما يأتيه - وهو يؤمل أن يصل إليه فيروي غلته، ويذهب ظمأه - لا يجده شيئًا، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [النور: ٣٩] .
وشبهها في موضع آخر بالرياح الشديدة الباردة تهب على الزروع والثمار فتدمرها (مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هِذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [آل عمران: ١١٧] .

1 / 126