89
ونوقش بما يأتي: أـ إن الجميع قد اتفقوا على أن فيه إضمارًا؛ لأن إطاقة الصوم لا توجب الفدية بحال؛ ألا ترى أنه إذا لم يفطر لم تجب عليه الفدية؟ ! وإذا ثبت أن في الآية ضميرًا؛ احتيج إلى دلالة من غيرها في إثبات حكمها؛ لأنه ليس أحد الخصمين أولى بدعوى مراد الضمير من صاحبه، وعندنا أن الضمير فيها: وعلى الذين يطيقون ثم يعجزون، وروي نحوه عن ابن عباس وسلمة بن الأكوع، ومعلوم أن ذلك لا يقال من طريق الرأي؛ لأنه حكاية حكم كان عليهم فنسخ، فصار ذلك توقيفًا. (^١) ب - إن الآثار والمقطوعات المروية في تفسيرها بالمرضع لا تخلو من علة تبطل حكمها؛ كالإرسال (^٢)، والاضطراب، والنكارة، وضعف رواة الإسناد، والإدراج، ومعارضتها بغيرها من الراوي نفسه؛ فيتساقطان، ويُرجع إلى الأصل وهو عدم الفدية. (^٣) ج - إن الثابت المسند في الصحيحين من حديث سلمة بن الأكوع، وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر ﵃؛ أن هذه الآية منسوخة نسخًا مطلقًا بلا استثناء المرضع. (^٤) د - إن العجب كل العجب من اضطراب هؤلاء القوم؛ فإنهم يصرفون هذه الآية تصريف الأفعال، في غير ما أنزلت فيه؛ فمرة يحتجون بها في أن الصوم في السفر أفضل، ومرة يصرفونها في الحامل والمرضع والشيخ الكبير، وكل هذا إحالة لكلام الله تعالى،

(^١) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٢/ ٤٣٨)، وتقدم قريبًا بيان موضع أثرَي عبد الله وسلمة ﵄ من الصحيحين. (^٢) ينظر: المحلى: المصدر السابق، (٦/ ٣١٢). (^٣) ينظر لاستبانة ذلك: أبو داود: المصدر السابق، (٤/ ٢٦١ - ٢٦٢). النسائي: المجتبى (٤/ ٣٦٣). الدراقطني: السنن (٣/ ١٩٤، وما بعدها). ابن جرير: المصدر السابق، (٣/ ١٦١، وما بعدها). السنن الكبرى (٣/ ١٦٣ - ١٦٤، ١٠/ ٢٣). (^٤) وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس مسندًا أيضًا نفي كون الآية منسوخة، وتفسيرها بالشيخ الكبير والمرأة الكبيرة؛ لا يستطيعان أن يصوما - فقط -. ينظر: البخاري: الجامع المسند الصحح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وأيامه (٦/ ٢٩ - ٣٠). مسلم: المصدر السابق، (٣/ ٣٤٩ - ٣٥٠). ابن جرير: المصدر السابق، (٣/ ١٦١ - ١٦٥). المحلى: المصدر السابق، (٦/ ٣١٢)؛ بسنده إلى ابن عباس أنها منسوخة، ثم أردف أبو محمد: فهذا هو المسند الصحيح الذي لا يجوز خلافه ا. هـ ينظر: البخاري: المصدر السابق، (٦/ ٢٩ - ٣٠). مسلم: المصدر السابق، (٣/ ٣٤٩ - ٣٥٠). ابن جرير: المصدر السابق، (٣/ ١٦١ - ١٦٥). المحلى: المصدر السابق، (٦/ ٣١٢).

1 / 89