110
من لم ير في لبن الفحل ما ينشر المحرمية إليه؛ أصولًا، وفروعًا، وحواشي؛ فمن باب أولى أن لا يحرموا على زوج المرضع امرأة الرضيع، ولا على الرضيع امرأة الفحل (^١)، وسائر ما يحرم بالمصاهرة.
وأما من قال بتحريم لبن الفحل، فقد حرم نظير المصاهرة بالرضاع، وهو ما اشتهر بين الأئمة الأربعة وأتباعهم (^٢)، حتى حكى ابنُ حزم الاتفاقَ على "أن أم الزوجة من الرضاعة بمنزلتها من الولادة، وأن ابنتها من الرضاعة كابنتها من الولادة، ولا فرق" (^٣)، والقرطبيُّ الإجماعَ على حرمة حليلة الابن من الرضاع، ونص على أن مستند الإجماع في ذلك هو الخبر المرفوع: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (^٤)، ولم أرَ من خالف ذلك ممن قال بتحريم لبن الفحل؛ إلا ما كان من تقي الدين ابن تيمية حين توقف، وقال: إن كان قد قال أحد بعدم التحريم؛ فهو أقوى ا. هـ (^٥)، والواقع أن الفقهاء لم يذكروا في هذا قولًا آخر؛ بل حكوا عدم علمهم بالخلاف (^٦)؛ لكن نسب المرداوي إلى تقي الدين أنه لا يحرِّم من الرضاع ما يحرُم من المصاهرة، وأردفها بفتوى للإمام أحمد من رواية ابن بدينا يقرر فيها التحريم بالرضاع نظير المصاهرة (^٧).
وقد كانت أدلة الجماهير إلى ما ذهبوا إليه ما يأتي:
١ - إن تحريم هذا داخل في قول النبي ﷺ: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب" (^٨)؛ لأنه أجرى الرضاعة مجرى النسب، وشبَّهها به؛ فثبت تنزيل ولد الرضاعة

(^١) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق (٥/ ٥٦١).
(^٢) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٦). القرافي: الذخيرة (٤/ ٢٧٩، ٢٨١، ٢٨٢). الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٦، ٥٧٧). الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٦٦ - ٦٨). النووي: المصدر السابق، (٧/ ١١٠ - ١١١). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٠/ ٢٧٨ - ٢٨٢). المرداوي: المصدر السابق، (٢٠/ ٢٨١ - ٢٨٢). المباركفوري: المصدر السابق، (٤/ ٢٥٦ - ٢٥٧).
(^٣) ابن حزم: مراتب الإجماع (ص ١٢١).
(^٤) تقدم تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد. ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (٥/ ١١٦).
(^٥) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (٥/ ٥٥٧).
(^٦) ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٠/ ٢٨٢).
(^٧) ينظر: المرداوي: المصدر السابق، (٢٧٨/ ٢٧٩).
(^٨) تقدم تخريجه عند الضابط الثاني في المبحث الثالث من التمهيد.

1 / 110