وقال سعيد بن منصور في «سننه» (^١): حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب قال: «كانوا يتلقَّفون من رسول الله ﵌، إذا قرأ قرأوا معه، حتى نزلت هذه الآية التي في الأعراف: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾.
فهذا دليلٌ على أنّهم كانوا يقرأون غير الفاتحة.
وفي حديث أبي داود (^٢): «فجاء رجلٌ فقرأ خلفه بسبح اسم ربّك الأعلى».
وفي حديث أبي هريرة عند مالكٍ وأحمد وأبي داود والترمذي والنسائي، ولابن ماجه نحوه (^٣): «أنّ رسول الله ﵌ انصرف من صلاةٍ جهرَ فيها بالقرآن، قال: «هل قرأ معي أحدٌ منكم؟» فقال رجلٌ: نعم يا رسول الله، قال: «إني أقول مالي أُنازَع». قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله ﵌».
قال بعضهم: لعلّ هذا هو الناسخ لما تقدّم، يعني حديثَ عبادة ونحوه؛ لأنّ أبا هريرة متأخر الإسلام.
قلتُ: هذا باطلٌ من وجوه:
أولًا: دعوى النسخ مع إمكان الجمع، بل الجمع هو الظاهر، فالقصة واحدةٌ، وإنّما زاد عبادة: «إلا بأمّ القرآن»، وهي زيادة ثقةٍ مخصِّصةٌ لعموم