136

The History of al-Tabari

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري

Chercheur

محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]

Maison d'édition

دار المعارف بمصر

Numéro d'édition

الثانية ١٣٨٧ هـ

Année de publication

١٩٦٧ م

Genres

آدَمُ يَوْمَئِذٍ قَدْ غَابَ عَنْهُمَا وَأَتَى مَكَّةَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ لآدَمَ: يَا آدَمُ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ لِي بَيْتًا فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لا، قَالَ: فَإِنَّ لِي بَيْتًا بِمَكَّةَ فَأْتِهِ، فَقَالَ آدَمُ لِلسَّمَاءِ: احْفَظِي وَلَدَيَّ بِالأَمَانَةِ، فَأَبَتْ، وَقَالَ لِلأَرْضِ فَأَبَتْ، وَقَالَ لِلْجِبَالِ: فَأَبَتْ، فَقَالَ لِقَابِيلَ، فَقَالَ: نَعَمْ، تَذْهَبُ وَتَرْجِعُ وَتَجِدُ أَهْلَكَ كَمَا يَسُرُّكَ فَلَمَّا انْطَلَقَ آدَمُ قَرَّبَا قُرْبَانًا، وَكَانَ قَابِيلُ يَفْخَرُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا مِنْكَ هِيَ أُخْتِي، وَأَنَا أَكْبَرُ مِنْكَ، وَأَنَا وَصِيُّ وَالِدِي، فَلَمَّا قَرَّبَا، قَرَّبَ هَابِيلُ جَذَعَةَ سَمِينَةً، وَقَرَّبَ قَابِيلُ حِزْمَةَ سُنْبُلٍ، فَوَجَدَ فِيهَا سُنْبُلَةً عَظِيمَةً فَفَرَكَهَا فَأَكَلَهَا، فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ، وَتَرَكَتْ قُرْبَانَ قَابِيلَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: لأَقْتُلَنَّكَ حَتَّى لا تَنْكِحَ أُخْتِي، فَقَالَ هَابِيلُ:
«إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ»، إِلَى قَوْلِهِ: «فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ»، فَطَلَبَهُ لِيَقْتُلَهُ، فَرَاغَ الْغُلامُ مِنْهُ فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ، فَأَتَاهُ يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ وَهُوَ يَرْعَى غَنَمَهُ فِي جَبَلٍ وَهُوَ نَائِمٌ، فَرَفَعَ صَخْرَةً فَشَدَخَ بِهَا رَأْسَهُ، فَمَاتَ وَتَرَكَهُ بِالْعَرَاءِ، لا يَعْلَمُ كَيْفَ يُدْفَنُ، فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابَيْنِ أَخَوَيْنِ فَاقْتَتَلا، فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَحَفَرَ لَهُ ثُمَّ حثا عليه، فلما رآه قال: «يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي»، فَهُوَ قَوْلُهُ ﷿: «فَبَعَثَ اللَّهُ غُرابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ» فَرَجَعَ آدَمُ فَوَجَدَ ابْنَهُ قَدْ قَتَلَ أَخَاهُ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ ﷿: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ» - إِلَى آخِرِ الآيَةِ- «إِنَّهُ كانَ ظَلُومًا جَهُولًا
» يَعْنِي قَابِيلَ حِينَ حَمَلَ أَمَانَةَ آدَمَ، ثُمَّ لَمْ يَحْفَظْ لَهُ أَهْلَهُ

1 / 138