فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: مَاتَ القَاسِمُ، وهُوَ أَوَّلُ مَيْتٍ مِنْ وَلَدِهِ ﷺ بِمَكَّةَ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ، فَقَالَ العَاصُ بنُ وَائِلٍ: لقدِ انْقَطَعَ وَلَدُهُ فَهوَ أَبْتَرُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ (١).
قَالَ الدُّكْتُور مُحَمَّد أَبُو شَهْبَة رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وقَدْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -وَلَهُ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ- أَنْ لَا يَعِيشَ لَهُ ﷺ أَحَدٌ مِنَ الذُّكُورِ، حَتَّى لا يَكُونَ ذَلِكَ مَدْعَاةً لِافْتِتَانِ بَعْضِ النَّاسِ بِهِمْ، وَادِّعَائِهِمْ لَهُمُ النُّبُوَّةَ، فَأَعْطَاهُ الذُّكُورَ تَكْميلًا لِفِطْرَتِهِ البَشَرِيَّةِ، وقَضَاءً لِحَاجَاتِ النَّفْسِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَلئَلَّا يَنْتَقِصَ النَّبِيَّ ﷺ في كَمَالِ رُجُولَتِهِ شَانِئٌ، أَوْ يَتَقَوَّلَ عَلَيْهِ مُتَقَوِّلٌ، ثُمَّ أَخَذَهُمْ فِي الصِّغَرِ، وأَيْضًا لِيَكُونَ فِي ذَلِكَ عَزَاءٌ وَسَلْوَى لِلذِينَ لا يُرْزَقُونَ البَنِينَ، أَوْ يُرْزَقُونَهُمْ ثُمَّ يَمُوتُونَ، كَمَا أَنَّهُ لَوْنٌ مِنْ أَلْوَانِ الِابْتِلَاءِ، وأشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الأَنْبِيَاءُ، فَالْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ (٢).
* * *