وَأَحْدَقَتْ (١) طَائِفَة بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَا يُصِيبُ العَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً (٢)، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ، وَفَاءَ (٣) النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ الذِينَ جَمَعُوا الغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ، وَقَالَ الذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ العَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا، نَحْنُ نَفَيْنَا عَنْهَا العَدُوَّ وهَزَمْنَاهُمْ، وَقَالَ الذِينَ أحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا، نَحْنُ أحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ العَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً وَاشْتَغَلْنَا بِهِ، فنَزَلَتْ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ (٤).
وَأَخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ مِنَ النَّفْلِ كَذَا وَكَذَا"، فتَقَدَّمَ الفِتْيَانُ (٥) وَلَزِمَ المَشْيَخَةُ (٦) الرَّايَاتِ فَلَمْ يَبْرَحُوهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قَالَ المَشْيَخَةُ: كُنَّا رِدْءًا (٧) لَكُمْ، لَوِ
(١) أحْدَقَ به: أحَاطَ. انظر لسان العرب (٣/ ٨٧).
(٢) الغِرَّة بكسر الغين: الغَفْلة. انظر النهاية (٣/ ٣١٨).
(٣) يقال فَاءَ يَفِيءُ: أي رجع. انظر النهاية (٣/ ٤٣٤).
(٤) سورة الأنفال آية (١) - والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (٢٢٧٦٢) - وابن إسحاق في السيرة (٢/ ٢٥٣) - وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه - كتاب التفسير - باب صورة تقسيم الغنائم - رقم الحديث (٣٣١٢).
(٥) في رواية ابن حبان في صحيحه قال: فتَسَارَعَ الشُّبَّان.
(٦) في رواية ابن حبان في صحيحه قال: وبَقِيَ الشيوخ.
(٧) الرِدء: العون والناصر. انظر النهاية (٢/ ١٩٥). =