تفسير الصحابة لهؤلاء الصفوة بأنهم الذين ولدوا في الإسلام
أيها الأحبة الكرام! إذًا لا عجب أن يقول أصحاب النبي: (لعلهم الذين صبحوا رسول الله ﷺ، ثم قال البعض الآخر: لعل هؤلاء الذين أخبر عنهم النبي ﷺ أنهم سيدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب هم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئًا.
وهذه هي الأخرى عظيمة كبيرة، فمن نشأ في الإسلام وترعرع في بستان التوحيد، وتغذى وتنفس رياحين الإيمان والسنة، فقد فاز فوزًا عظيمًا، ولم لا وقد قال الله سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:٤٨]؟ بل وخاطب الله إمام الموحدين وقدوة المحققين وسيد المرسلين محمدًا ﷺ، فقال له سبحانه: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الزمر:٦٥ - ٦٦].
وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: (من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار) قال ابن مسعود: ومن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة.
فالشرك ظلم عظيم، والتوحيد فضل عظيم، ففي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت ﵁ أن النبي ﷺ قال: (من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) وفي رواية عتبان بن مالك: (فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله تعالى) فالتوحيد فضله عظيم.
إذًا: لا تعجب إذا سمعت بعض أصحاب النبي ﷺ يقولون عن هؤلاء: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئًا! أيها الأحباب! خرج النبي ﷺ عليهم فقطع حديث أصحابه وحوارهم، وبين لهم من هؤلاء السعداء، فقال: ما الذي تخوضون فيه؟ قالوا: في هؤلاء يا رسول الله الذين ذكرت أنهم يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، فقال المصطفى: (هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون).
10 / 6