تناسق الدرر في تناسب السور = أسرار ترتيب القرآن

Galal al-Din al-Suyuti d. 911 AH
6

تناسق الدرر في تناسب السور = أسرار ترتيب القرآن

تناسق الدرر في تناسب السور = أسرار ترتيب القرآن

Chercheur

عبد القادر أحمد عطا [ت ١٤٠٣ هـ]- مرزوق علي إبراهيم

Maison d'édition

دار الفضيلة للنشر والتوزيع بالقاهرة

Lieu d'édition

[٢٠٠٢ م - ١٤٢٢ هـ]

Genres

وإذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما خُتم به السورة قبلها، ثم هو يخفى تارة ويظهر أخرى؛ كافتتاح سورة الأنعام بالحمد، فإنه مناسب لختام سورة المائدة من فصل القضاء؛ كما قال ﷾: ﴿وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الزمر: ٧٥] وكافتتاح سورة فاطر بـ ﴿الْحَمْدُ﴾ أيضًا، فإنه مناسب لختام ما قبلها من قوله: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [سبأ: ٥٤] وكافتتاح سورة الحديد بالتسبيح: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحديد: ١] فإنه مناسب لختام سورة الواقعة من الأمر به: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم﴾ [الواقعة: ٧٤] . وكافتتاح البقرة بقوله: ﴿الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ إشارة إلى ﴿الصِّرَاطَ﴾ في قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ كأنهم لما سألوا الهداية إلى الصراط المستقيم، قيل لهم: ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب. وهذا معنى حسن يظهر فيه ارتباط سورة البقرة بالفاتحة١. ومن لطائف سورة الكوثر أنها كالمقابلة للتي قبلها "الماعون"؛ لأن السابقة قد وصف الله فيها المنافق بأمور أربعة: البخل، وترك الصلاة، والرياء فيها، ومنع الزكاة، فذكر هنا في مقابلة البخل: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ أي: الكثير. وفي مقابلة ترك الصلاة: ﴿فَصَلِّ﴾ أي: دُمْ عليها. وفي مقابلة الرياء: ﴿لِرَبِّكَ﴾ أي: لرضاه لا للناس.

١ البرهان في علوم القرآن "١/ ٣٨".

1 / 8