La Précieuse Guidance à la Confrérie Tijaniyya
الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية
Numéro d'édition
الثانية
Genres
عليه وسلم أكثر من أن تُحصى منها قوله تعالى في سورة القصص يخاطب خير خلقه محمدا ﷺ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)﴾ - ٥٦، قال الحافظ بن كثير في تفسير هذه الآية يقول الله تعالى لرسوله ﷺ إنك يا محمد ﴿لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ أي ليس إليك ذلك إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى في سورة البقرة رقم ٢٧٢: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ
هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ وقال تعالى في سورة يوسف ١٠٣: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ وهذه الآية أخص من هذا كله فإنه قال: ﴿٧ ̈R خ) لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)﴾ أي هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم النبي ﷺ، وقد كان يحوطه وينصره ويقوم في صفه ويحبه حبا شديدا طبيعيا لا شرعيا فلما حَضَرَته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله ﷺ إلى الإيمان والدخول في الإسلام، فسبق القدر فيه واختُطِف من يده فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة التامة، قال الزهري: حدثني سعيد بن المسيب عن أبيه وهو المسيب ابن حزن المخزومي ﵁ قال لما حضرت أبو طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى اله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أمية بن المغيرة فقال رسول الله ﷺ: (يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله) فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية يا أبا طالب أترفب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله ﷺ يعرضها عليه ويعودان له بتلك المقالة حتى كان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله ﷺ: (والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنه) فأنزل الله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ وأنزل الله في أبي طالب: ﴿إنك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ أخرجاه من حديث الزهري انتهى.
فإن قلت أنا لا أقصد بنسبة إلى الرسول ﷺ أنه هو الممد الحقيقي وأنا مؤمن بقوله تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ وإنما أردت أن النبي ﷺ هو الواسطة في إيصال هذه النعم كما قال أحد المضلين:
ما أرسل الرحمن أو يرسل ... من رحمة تصعد أو تنزل
1 / 27