The Guide to Correcting Doctrines
القائد إلى تصحيح العقائد
Chercheur
محمد ناصر الدين الألباني.
Maison d'édition
المكتب الإسلامي.
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٠٤ هـ / ١٩٨٤ م.
Genres
وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى وقد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعمًا أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى، فأقرره تقريرًا يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى، فأجدني أتبرم بذاك الخادش وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه وغض النظر عن مناقشة ذاك الجواب، وإنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولًا تقريرًا أعجبني صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم
لاح لي الخدش؟ فكيف لولم يلح لي الخدش ولكن رجلًا آخر أعترض علي به؟ فكيف كان المعترض ممن أكرهه؟
هذا ولم يكلف العالم بأن لا يكون له هوى؟ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتش نفسه عن هواها حتى يعرفه ثم يحترز منه ويمعن النظر في الحق من حيث هو حق، فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه. وهذا والله أعلم معنى الحديث الذي ذكره النووي في (الأربعين) وذكر أن سنده صحيح وهو «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به» (١) . والعالم قد يقصر في الإحتراس من هواه ويسامح نفسه فتميل إلى الباطل فينصره. وهو يتوهم أنه لم يخرج من الحق ولم يعاده، وهذا لا يكاد ينجوا منه إلا المعصوم، وإنما يتفاوت العلماء، فمنهم من يكثر الإسترسال مع هواه، ويفحش حتى يقطع من لا يعرف طباع الناس ومقدار تأثير الهوى بأنه متعمد، ومنهم من يقل ذلك منه ويخف، ومن تتبع كتب المؤلفين الذين لم يسندوا اجتهادهم إلى الكتاب والسنة رأسًا رأى فيها العجب العجاب، ولكنه لا يتبين له إلا في المواضع التي لا يكون له فيها هوى، أو يكون هواه مخالفًا لما في تلك الكتب، على أنه استرسل مع هواه زعم أن
_________
(١) قلت: أنى له الصحة وفي سنده نعيم بن حماد، وقد سبقت ترجمته، وما فيه من الضعف، ثم هو قد اختلف عليه في إسناده كما بينه الحافظ ابن رجب الحنبلي في «شرح الأربعين» (ص ٢٨٢ - ٢٨٣)، وقال: «تصحيح هذا الحديث بعيدًا جدًا من وجوه، منها تفرد نعيم به ...» . ثم بينها، فمن شاء التفصيل فاليرجع إليه، وقد أشار البخاري إلي ضعفه في «جزء رفع اليدين» . ن.
1 / 32