مقامك لا يُسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال: «مروا أبا بكر يصلى بالناس» فقلت: لحفصة قولي له إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى ما يقم مقامك لا يُسمع الناس، فلو أمرت عمر، قال: «إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر أن يصلى بالناس» فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله ﷺ في نفسه خفة، فقام يهادى بين رجلين، ورجلاه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر، فأومأ إليه رسول الله ﷺ، فجاء رسول الله ﷺ حتى جلس عن يسار أبى بكر، فكان أبو بكر يصلى قائما، وكان رسول الله ﷺ يصلى قاعدا، يقتدى أبو بكر بصلاة رسول الله ﷺ، والناس مقتدون بصلاة أبي بكر ﵁ " (١)، ولو كان عمر ﵁ أفضل من أبي بكر أو حتى مساويا له في الفضل لم يُغلظ رسول الله ﷺ الكلام لحفصة مع وجاهة العذر، ولكنه فضل أبي بكر ﵁، وأول من يعترف به عمر ﵁، ولم يكن خافيا أمر رسول الله ﷺ بلالا أن يُقِّدم أبا بكر ليصلي بالناس صلاة العصر، في اليوم الذي ذهب فيه رسول الله ﷺ للإصلاح بين بني عمرو بن عوف (٢)، وقال ﷺ: «ولو كنت متخذا من أمتى خليلا لاتخذت، أبا بكر ولكن أخي وصاحبي» (٣)، فلم يفضل أحدا من أهل الأرض على أبي بكر ﵁، إشارة واضحة في استحقاق أبي بكر ﵁، لو جازت الخلة لأحد من الناس لكانت لأبي بكر كلام من لا ينطق عن الهوى ﷺ، ومن هنا عرف الصحابة فضل أبي بكر، وقد قال عمر ﵁: «لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم» (٤)، وهذا الأمر أغاظ كثيرا أتباع أبي لؤلؤة المجوسي على أبي بكر وعمر وعامة الصحابة، وعلى كل من رضي بذلك.