The Function of the Artistic Image in the Quran

Abd al-Salam Ahmad al-Raghib d. Unknown
71

The Function of the Artistic Image in the Quran

وظيفة الصورة الفنية في القرآن

Maison d'édition

فصلت للدراسات والترجمة والنشر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lieu d'édition

حلب

Genres

ويتسع إطارها للتعبير عن هذا الفكر، وصورة المشهد الكامل قد تمتد إلى أكثر من آية، لتشمل آيات عدة، في أداء المعنى الديني. فنلاحظ في المشهد عدة علاقات، وعدة صور جزئية متناسقة في المشهد، ومتعاونة لأداء المعنى الديني المطلوب. وهذا ما نراه في تصوير الطبيعة، ضمن مشاهد حية شاخصة، وتصوير يوم القيامة أيضا في مشاهد حية. وسوف أتوقف عند ذلك بالتفصيل في حديثي عن وظائف الصورة وأكتفي هنا بمثال واحد على الصورة في المشهد، يقول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحابًا ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ، فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ الأعراف: ٥٧. فالمشهد المصور هنا لا يمكن الحكم عليه من خلال الدراسات البلاغية القديمة التي اهتمت بالصورة البلاغية بأنواعها المعروفة، وإنما لا بد من نظرة شاملة، لهذا السياق الذي يرسم مشهدا واضح المعالم، والعلاقات، ففي المشهد نرى إرسال الرياح، والسحاب المتحرّك، والمطر الهاطل، والنبات الطالع، والبلد الميت. وهذه الأطراف أو الأجزاء متفاعلة في داخل السياق لتكوين مشهد منظور، يؤدي وظيفة فنية ودينية معا. ونظام العلاقات بين عناصر المشهد المنظور واضحة في السياق، فالرياح تسوق السحاب الثقال، لتهطل الأمطار فوق الأرض المجدبة، فتنبت الزروع، وتخرج الثمار منها فالعلاقة بين عناصر المشهد قوية، إنها علاقة السبب بالمسبب، والمقدمة بالنتيجة، لإثبات معجزة الحياة بعد الموت، من خلال عرض المشهد الذي يضم صور الحياة في الكون المنظور. وصورة «اللوحة» تتألف من عدة مشاهد مختلفة، تؤدي، معنى مشتركا، وأثرا نفسيا واحدا. كقوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ، خُشَّعًا أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ، مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ القمر: ٦ - ٨. هنا نلاحظ عدة مشاهد مختلفة ولكنها مترابطة في السياق، مثل مشهد الجموع الخارجة من القبور، ثم مشهد الجراد المنتشر، والأبصار الخاشعة، والجري نحو الداعي للحشر. ومشهدهم الأخير الذي فيه كرب شديد ملحوظ في قولهم «هذا شيء عسر» وتنكيس رءوسهم وكأن هذه المشاهد ترسم لوحة متكاملة لحالهم يوم القيامة، ابتداء من خروجهم من القبور، وانتهاء بأثر اليوم الآخر في نفوسهم، وما فيه من كرب وشدة تجلّى في

1 / 80