واستولت عليها محبتك، فمحبتك مانعة لها من كل لذة غير مناجاتك والاجتهاد فى خدمتك، وخشيتك قاطعة لها عن سبيل كل معصية جوفا لحلول سخطك. ثم بكى وقال: يا إخوتاه، ابكوا على فوت خير الآخرة، حيث لا رجعة ولا حيلة.
وعتبة الغلام القائل: تراك مولاى تعذب محبيك وأنت الحى الكريم:
" قال عنه سليم النحيف: رمقت عتبة ذات ليلة، فما زاد ليلته تلك على هذه الكلمات: إن تعذبنى فإنى لك محب، وإن ترحمنى فإنى لك محب. فلم يزل يرددها ويبكى حتى طلع الفجر.
وقال عنبسة الخواص: بات عندى عتبة الغلام ذات ليلة، فبكى من السحر بكاء شديدا، فلما أصبح قلت له: قد فزعت قلبى الليلة ببكائك، ففيم ذاك يا أخى؟ قال: يا عنبسة، إنى والله ذكرت يوم العرض على الله. ثم مال ليسقط فاحتضنته ... فناديته: عتبة عتبة، فأجابنى بصوت خفى: قطع ذكر يوم العرض على الله أوصال المحبين. قال: ويردده، ثم جعل يحشرج البكاء ويردده حشرجة الموت ويقول: تراك مولاى تعذب محبيك أنت الحى الكريم؟! قال: فلم يزل يرددها حتى والله أبكانى.
وقال عتبة ﵀: من سكن حبه قلبه لم يجد حرا ولا بردا. قال عبد الرحيم بن يحيى الدبيلى: يعنى من سكن حب الله قلبه، شغله حتى لا يعرف الحر من البرد، ولا الحلو من الحامض، ولا الحار من البارد.
وقال عتبة ﵀: من عرف الله أحبه، ومن أحب الله