210

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي

Genres

وأصل الحديث في «الصحيحين»: تقول أسماء بنت أبي بكر الصديق ﵄: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله ﷺ فاستفتيت رسول الله ﷺ قلت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة، أفأصلها؟ قال: «نعم: صِلي أمك» (^١).
ويوضح ابن سعدي فيقول: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ﴾ [لقمان: ١٥] أي: اجتهد والداك ﴿عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا﴾ [لقمان: ١٥] ولا تظن أن هذا داخل في الإحسان إليهما، لأن حق الله مقدم على حق كل أحد، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولم يقل: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فعقهما، بل قال: فلا تطعهما أي: في الشرك، وأما برهما، فاستمر عليه، ولهذا قال: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥] أي: صحبة إحسان إليهما بالمعروف، وأما اتباعهما وهما بحالة الكفر والمعاصي، فلا تتبعهما» (^٢).
سبب نزول آية ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ﴾ [لقمان: ١٥]:
قال الطبري: «قَالَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ: نَزَلَتْ فِيَّ ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥] قَالَ: لَمَّا أَسْلَمْتُ، حَلَفَتْ أُمِّي لَا تَأْكُلُ طَعَامًا وَلَا تَشْرَبُ شَرَابًا. قَالَ: فَنَاشَدْتُهَا أَوَّلَ يَوْمٍ، فَأَبَتْ وَصَبَرَتْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي نَاشَدْتُهَا، فَأَبَتْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ نَاشَدْتُهَا فَأَبَتْ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ لَكِ مِائَةُ نَفْسٍ لَخَرَجَتْ قَبْلَ أَنْ أَدَعَ دِينِي هَذَا، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ، وَعَرَفَتْ أَنِّي لَسْتُ فَاعِلًا أَكَلَتْ» (^٣).

(^١) البخاري (٥٩٧٩)، ومسلم (١٠٠٣).
(^٢) ابن سعدي (٦/ ١٣٥٢).
(^٣) الطبري (٢٠/ ١٣٩) «وأمه هي: حمنة بنت أبي سفيان بن أمية».

1 / 210