412

الأربعون العقدية

الأربعون العقدية

Maison d'édition

دار الآثار

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

٢٠٢١ م

Lieu d'édition

مصر

Genres

لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الأنعام: ١).
٣ - وقد يأتي الجعل بمعنى التصيير والتقدير، كما في قوله تعالى ﴿فجعلهم جذاذًا﴾ [الأنبياء: ٥٨]، وقوله تعالى ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (٥)﴾ [الفيل: ٥]، وقول إبراهيم ﵇ (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ) (إبراهيم: ٤٠)
فقوله تعالى ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيًا﴾ إنما يُحمل على المعنى الثالث، فالله ﷿ قدَّره وصيَّره كلامًا عربيًا لنزوله على العرب، مصداقًا لقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (إبراهيم: ٤)
*فإن قيل:
ولم حملتم قوله تعالى ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيًا﴾ على المعنى الثالث دون الثاني؟
*فالجواب من وجوه:
١ - الأول:
ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماعات أهل السنة أن القرآن كلام الله غير مخلوق.
٢ - الثاني:
أنَّ "جعل" إذا تعدت إلى مفعول واحد كانت بمعنى " خلق "، وأما إذا تعدت إلى مفعولين لم تكن بمعنى خلق، بل كانت بمعني التقديروالتتصيير، مما يبطل دعوى الاستدلال بقوله تعالى ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيًا﴾ أن القرآن مخلوق.
*وما أجمل ما قاله الآلوسي في تفسير قوله تعالى ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيًا﴾:
والجعل هنا بمعني التصيير، لا بمعنى الخلق المعدَّى لواحد، لأن ذلك يأباه ذوق المقام؛ لأن الكلام لم يسق لتأكيد كونه مخلوقًا، وما كان إنكارهم متوجهًا عليه، بل هو مسوق لإثبات كونه قرآنًا عربيًا، لا يعسر عليهم فهم معانيه. (^١)
-هذا وقد ذكر علماء التفسير كالطبري والقرطبي وابن كثير في تفسير قوله تعالي "إنا جعلناه".

(^١) روح المعاني (١٣/ ٦).

1 / 437