الأربعون العقدية
الأربعون العقدية
Maison d'édition
دار الآثار
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
٢٠٢١ م
Lieu d'édition
مصر
Genres
وتأملوا قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ...﴾، فهنا قد ذكر طريق الحق على سبيل الإفراد، فهو طريق واحد، وذكر سبل الشيطان على صيغة الجمع، فهي كثيرة متفرقة، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ [الأنعام: ١]، فجعلَ الظلماتِ جمعًا، والنورَ واحدًا.
والسنة قد أكدت هذا المعنى: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَطًّا، فَقَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَهَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ تَلا: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا...﴾ إلَى آخِرِ الآيةِ [الأنعام: ١٥٣] (^١).
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ﵁ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَخَلَّلُ الصَّفَّ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَى نَاحِيَةٍ يَمْسَحُ صُدُورَنَا وَمَنَاكِبَنَا، وَيَقُولُ:
«لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِف قُلُوبُكُمْ» (^٢).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي القَدَرِ؛ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ الرُّمَّانُ، فَقَالَ: «أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ؟ إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الأَمْرِ، عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلَّا تَتَنَازَعُوا فِيهِ» (^٣).
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:
«إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإضَاعَةَ الْمَالِ» (^٤).
قال النَّوَوِيّ: "قوله ﷺ: «ولا تفرقوا» فهو أمر بلزوم جماعة المسلمين، وتألف
_________
(^١) أخرجه أحمد (٤٤٣٧)، وصححه الألباني في ظِلال الجنة (١٦).
(^٢) أخرجه أبو داود (٦٦٤).
(^٣) أخرجه الترمذي (٢١٣٣)،، وصححه شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ١٤١)
(^٤) أخرجه مسلم (١٥١٧).
1 / 31