الأربعون العقدية
الأربعون العقدية
Maison d'édition
دار الآثار
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
٢٠٢١ م
Lieu d'édition
مصر
Genres
وكذلك فيه ردٌّ على الجهمية وغُلاة المرجئة القائلين: إنه لا يضر مع الإيمان ذنبٌ.
فالحديث يمثل وسطية أهل السنة والجماعة بين هاتينِ الطائفتينِ.
وبيان ذلك: أنّ حديث الباب ردّ على المعتزلة في مقامينِ:
أحدهما: أنّ العصاة من أهل القِبْلة لا يخلَّدون في النار؛ لِعُموم قوله ﷺ: «مَن شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ».
الثاني: أنّ الله -تعالى- قد يعفو عن السيئات قَبْلَ التوبة واستيفاءِ العقوبة؛ فإنّ قولَه: «عَلَى ما كانَ مِنَ الْعَمَلِ» حالٌ مِن الهاء في قولِه: «أَدخلَهُ الجنةَ». (^١)
** وأمّا المرجئة:
فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: إنه مِن العُمومات التي يحتجُّ بها المرجئة: قولُه «مَن شَهِدَ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وأنّ عيسى عبدُ اللهِ ورسولُه، وكلمتُه ألقاها إلى مريمَ، ورُوحٌ منه- أدخلَهُ اللهُ الجَنّةَ»، ونحوُ ذلك من النصوص. (^٢)
** ولكنّ حديث الباب فيه ردٌّ عليهم:
حيث ورد في معنى قوله ﷺ «أدخلَهُ اللهُ الجَنّةَ على ما كانَ مِنَ الْعَمَلِ»: أنّ المرء قد يؤاخَذُ على ذنوبه التي مات مصرًّا عليها، ثم يكونُ مآلُه إلى الجنة.
قَالَ البقاعي:
" (لا إلَهَ إلَّا اللهُ) أَي: انْتَفَى انْتِفَاءً عَظِيمًا أَنْ يكونَ معبودًا بِحَقٍّ غيرُ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ، فَإِنّ هَذَا الْعِلمَ هُوَ أعظمُ الذِّكْرَى المُنجيةِ من أهوال السَّاعَة، وَإِنَّمَا يكونُ عِلمًا إِذا كَانَ نَافِعًا، وَإِنَّمَا يكونُ نَافِعًا إِذا كَانَ مَعَ الْإِذعانِ وَالْعَمَلِ بِمَا تَقْتَضِيهِ، وَإلّا فَهُوَ جهلٌ صِرْفٌ". (^٣)
-- قال الشيخ العلامة حمد بن محمد بن عتيق ﵀ معلقًا على قوله ﷺ «مَنْ شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللهُ»:
"أيْ: مَن شهد أنْ لا معبودَ بحقٍّ إلا اللهُ، وقامَ بوظائف هذه الكلمة من إخلاص
(^١) فيض القدير شرح الجامع الصغير (٦/ ١٥٩). (^٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٦١٣، ٦١٤). (^٣) فتح الْمَجِيد (ص/ ٣٨)، وتيسير الْعَزِيز الحميد (ص/ ٥٦).
1 / 221