108

الأربعون العقدية

الأربعون العقدية

Maison d'édition

دار الآثار

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

٢٠٢١ م

Lieu d'édition

مصر

Genres

* قال ابن كثير: "أخبر الله -تعالى- بأنه يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون؛ ولهذا قال تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ﴾ فأخبر عن حالهم كيف يكون لو خرجوا ومع هذا ما خرجوا، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: ٢٨]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال: ٢٣]، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦ - ٦٨] والآيات في هذا كثيرة". (^١) ** ومن السّنّة:: عن أبي هُريرةَ أنّ رسول الله ﷺ سُئل عن أولاد المشركين، فقال: «الله أعلمُ بما كانوا عاملينَ» (^٢). * قال النووي: "وفي قوله ﷺ: «الله أعلم بما كانوا عاملين» بيانٌ لمذهب أهل الحق أنّ الله عَلِمَ ما كان، وما يكون، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون، وقد سبق بيان نظائره من القرآن والحديث". (^٣) ... إشكال والرد عليه: قول الله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد: ٣١]، وقوله تعالى: ﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾ [المائدة: ٩٤]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٢]، وأمثال هذه الآيات مُشْكِلة في الفهم؛ لِأنَّ ظاهرها قد يفهم منه تجدُّد علم الله ﷿ بعد وقوع الفعل؟ * والرد على ذلك مِن وجهينِ: ١ - الأول هو ردٌ إجمالي، فنقول: إنَّ غُلاة القدرية قد تعلَّقوا بمثل هذه الآيات في زعمهم أنّ علم الله -تعالى- بأفعال العباد مستأنَف، وأن الله لا يعلم الشيء إلا بعد

(^١) تفسير القرآن العظيم (٤/ ١٦٠). (^٢) متفق عليه. (^٣) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجّاج (١٦/ ٢١١).

1 / 120