الركن الخامس
الركن الخامس
Maison d'édition
دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
Lieu d'édition
دمشق- سوريا
Genres
أحجار الأساس ودون تصدع أو تشقق أو تراجع في قوتها، وهي كذلك بإذن الله إلى يوم يبعثون (١).
هذه هي المرات التي وقع فيها البناء بيقين، أمّا سوى ذلك فكلها أخبار يعتورها الشك والخلاف فلا يعرف مثلًا مَن بنى البيت قبل إبراهيم ﵇.
يقالُ إنّ أوّل مَن بناه هم الملائكة المطهرون، ثم آدم ﵇، ثم شيث بن آدم (٢) ومن السنة ما يؤكد وجود البيت قبل إبراهيم ﵇ بدليل ما رواه البخاريُّ في صحيحه، من أنَّ الخليل لمّا ترك زوجه هاجر، وولدها إسماعيل في وادي مكة، وقفَّى راجعًا توقَّف عند ثنية (٣) حيث لا يرونه، واستقبل البيت بوجهه، ثم دعا بهؤلاء الكلمات، ورفع يديه فقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [إبراهيم: ٣٧] (٤).
ويؤيد هذا ما صحّ عن رسول الله ﷺ من حديث أبي ذَرّ ﵁ قال: قُلْتُ يا رسول الله أيُّ مسجد وُضع في الأرض أوّل؟ قال: "المسجد الحرام"، قال: قلتُ: ثم أيّ؟ قال: "المسجد الأقصى" قلت: كم كان بينهما؟ قال: "أربعون سنة، ثم أينما أدْركتك الصَّلاة بعد فَصَلِّه، فإنَّ الفضل فيه" (٥).
ومنذ آخر بناء للبيت، فإنَّ الكعبة تعرَّضت لطورين من الترميم بفارق زمني بينهما
(١) نفس المرجع ص ٣٦، وصحيح البخاري برقم (١٥٠٩).
(٢) اُنظر تاريخ مكة المكرمة قديمًا وحديثًا د. محمد إلياس عبد الغني ص ٣٤، وقد ذكر في كتابه أن الذين بنوها بعد إبراهيم هم جُرْهم، وقُصيُّ بن كلاب، وكل ذلك لم يثبت فيه دليل يطمئن له قلبُ الباحث.
(٣) الثَّنِيَّة: هي الطريق العالي في الجبل.
(٤) صحيح البخاري برقم (٣١٨٤).
(٥) صحيح البخاري برقم (٣١٨٦).
1 / 131