97

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

Maison d'édition

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Numéro d'édition

السنة الثالثة والثلاثون،العدد الحادي عشر بعد المائة

Année de publication

١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

Genres

"وإنَّما المقصود هنا أنَّ ما ثبت قُبحُه من البدع وغير البدع من المنهي عنه في الكتاب والسنة، أو المخالف للكتاب والسنة إذا صدر عن شخص من الأشخاص فقد يكون على وجه يُعذر فيه، إمَّا لاجتهاد أو تقليد يُعذر فيه، وإمَّا لعدم قدرته كما قد قرّرته في غير هذا الموضع، وقرّرته أيضًا في أصل التكفير والتفسيق المبنيِّ على أصل الوعيد.
فإنَّ نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة، ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها في حقِّ المعيّن، إلاَّ إذا وُجدت الشروط وانتفت الموانع، لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع، هذا في عذاب الآخرة فإنَّ المستحق للوعيد من عذاب الله ولعنته وغضبه في الدار الآخرة خالد في النار، أو غير خالد، وأسماء هذا الضرب من الكفر والفسق يدخل في هذه القاعدة، سواء كان بسبب بدعة اعتقادية أو عبادية، أو بسبب فجور في الدنيا، وهو الفسق بالأعمال.
فأمَّا أحكام الدنيا فكذلك أيضًا، فإنَّ جهاد الكفار يجب أن يكون مسبوقًا بدعوتهم، إذ لا عذاب إلاَّ على من بلغته الرسالة، وكذلك عقوبة الفساق لا تثبت إلاَّ بعد قيام الحجّة"١.
ولهذا إذا علم العالم المحقق من حال الرجل أنَّه غير معذور بدَّعه بعينِه، ووصفه بأنَّه مبتدع، وإذا كان بخلاف ذلك لم يبدِّعه، ولعلّه لأجل هذا قال الإمام مالك ﵀: "وما أُراك إلاَّ مبتدعًا"، وفي لفظ: "وما أُراك إلاَّ ضالًاّ"، وفي لفظ: "وإني لأظنّك ضالًاّ"، وفي لفظ: "وما أظنّك إلاَّ ضالًاّ"، وأُرى بمعنى: أظنّ، فلم يجزم ﵀ بتبديعه، وفي لفظ قال: "أنت

١ مجموع الفتاوى (١٠/٣٧١،٣٧٢) .

1 / 56