88

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

Maison d'édition

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Numéro d'édition

السنة الثالثة والثلاثون،العدد الحادي عشر بعد المائة

Année de publication

١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

Genres

ويقين راسخين، بسبب قرب العهد بعصر النبوة، وامتداد الإشراق إليه، ولكن لم يكن بوسع الأئمة الذين قاموا في عصر التدوين وازدهار العلوم، واتّساع حلقات البحث وفنون البلاغة أن يسلِّموا ذلك التسليم دون أن يحلِّلوا هذه النصوص على ضوء ما انتهوا إليه من فنون البلاغة والمجاز، خصوصًا أنَّ فيهم الزنادقة الذين لا يقنعهم منهج التسليم ويتظاهرون بالحاجة إلى الفهم التفصيلي وإن كانوا في حقيقة الأمر معاندين.
والمهم أن تعلم بأنَّ كلا المذهبين متّجهان إلى غاية واحدة، لأنَّ المآل فيهما إلى أنَّ الله ﷿ لا يشبهه شيء من مخلوقاته، وأنَّه منزَّه عن جميع صفات النقص، فالخلاف الذي تراه بينهما خلاف لفظي وشكلي فقط"١.
فظنَّ أنَّ مذهب السلف ومنهم الإمام مالك ﵀ هو تفويض المعاني وإمرار الألفاظ بدون فهمٍ لما تدل عليه، وقرّر أنَّ السلف كانوا يقطعون بأنَّ ظاهر نصوص الصفات غير مراد وأوَّلها تأويلًا إجماليًا، حيث قال قبل كلامه هذا: "فمذهب السلف هو عدم الخوض في أيِّ تأويل أوتفسير تفصيلي لهذه النصوص والاكتفاء بإثبات ما أثبته الله تعالى لذاته مع تنزيهه ﷿ عن كلِّ نقص ومشابهة للحوادث، وسبيل ذلك التأويل الإجمالي لهذه النصوص وتحويل العلم التفصيلي بالمقصود منها إلى علم الله ﷿، أما ترك هذه النصوص على ظاهرها دون أيِّ تأويل سواء كان إجماليًا أو تفصيليًا فهو غير جائز وهو شيء لم يجنح إليه سلف ولا خلَف ... "٢.

١ كبرى اليقينيات الكونية (ص:١٤١)، طبع دار الفكر (١٤١٣هـ)، ونقله وهبي غاوجي في مقدمة تحقيقه لإيضاح الدليل لابن جماعة (ص:٥٦)، طبع دار السلام، الأولى (١٤١٠هـ) .
٢ كبرى اليقينيات (ص:١٣٨ ١٣٩) .

1 / 45