78

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

Maison d'édition

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Numéro d'édition

السنة الثالثة والثلاثون،العدد الحادي عشر بعد المائة

Année de publication

١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

Genres

تشبيه آخر، وهو تشبيه الله بالممتنعات والمعدومات أو الجمادات، وذلك بحسب نوع تعطيلهم، وقد "برّأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنّته عن ذلك كلّه فلم يصفوه إلاَّ بما وصف به نفسه ووصفه به نبيُّه ﷺ، ولم يجحدوا صفاته، ولم يشبّهوها بصفات خلقه، ولم يعدلوا بها عمّا أنزلت عليه لفظًا ولا معنى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، فكان إثباتهم بريًّا من التشبيه، وتنزيههم خليًّا من التعطيل لا كمن شبّه حتى كأنَّه يعبد صنمًا، أو عطّل حتى كأنَّه لا يعبد إلاَّ عدَمًا"١، والحمد لله رب العالمين.

١ فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى (ص:٥١)، وهي مستلّة من بدائع الفوائد لابن القيم.
٢ ذم التأويل لابن قدامة (ص:٢٦) .
٣ سورة: فاطر، الآية: (١٠) .
المبحث الثالث:
في معنى قوله "والإيمان به واجب" والضوابط المستفادة منه
لا ريب أنَّ الإيمان بالاستواء وغيره من صفات الباري سبحانه واجبٌ، وكذلك "الجحود به كفرٌ، لأنَّه ردٌ لخبر الله، وكفرٌ بكلام الله، ومن كفر بحرف متفق عليه فهو كافر، فكيف بمن كفر بسبع آيات وردَّ خبَرَ الله تعالى في سبعة مواضع من كتابه"٢، وقد سبق أنْ مرّ معنا نصوصٌ كثيرةٌ في مبحث سابق فيها أوضح دلالة على وجوب الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة. و"كتاب الله من أوّله إلى آخره، وسنة رسوله ﷺ من أوّلها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة مملوءٌ بما هو إمّا نصٌ وإمّا ظاهرٌ في أنَّ الله ﷾ هو العليُّ الأعلى، وهو فوق كلِّ شيء، وهو على كل شيء، وإنَّه فوق العرش، وإنَّه فوق السماء، مثل قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ ٣، ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ

1 / 31