70

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

الأثر المشهور عن الإمام مالك ﵀ في صفة الاستواء

Maison d'édition

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Numéro d'édition

السنة الثالثة والثلاثون،العدد الحادي عشر بعد المائة

Année de publication

١٤٢١هـ/٢٠٠٠م

Genres

وأيضًا فأهل اللغة قالوا: لا يكون استوى بمعنى استولى إلاَّ فيما كان منازعًا مغالبًا، فإذا غلب أحدهما صاحبه قيل: استولى، والله لم ينازعه أحد في العرش، فلو ثبت استعماله في هذا المعنى الأخص مع النزاع في إرادة المعنى الأعم لم يجب حمله عليه بمجرّد قول بعض أهل اللغة مع تنازعهم فيه، وهؤلاء ادّعوا أنّه بمعنى استولى في اللغة مطلقًا.
تاسعًا: أنَّ معنى الاستواء معلوم علمًا ظاهرًا بين الصحابة والتابعين وتابعيهم، فيكون التفسير المحدث بعده باطلًا قطعًا، وهذا قول يزيد بن هارون الواسطي، فإنَّه قال: "إنَّ من قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ خلاف ما تقرّر في نفوس العامة فهو جهمي"١، ومنه قول مالك: "الاستواء معلوم"، وليس المراد أنَّ هذا اللفظ في القرآن معلوم كما قال بعض الناس: استوى أم لا؟ أو أنَّه سُئل عن الكيفية ومالك جعلها معلومة، والسؤال عن النزول ولفظ الاستواء ليس بدعة ولا الكلام فيه، فقد تكلّم فيه الصحابة والتابعون، وإنَّما البدعة السؤال عن الكيفية"٢.
وقد أبطل العلاّمة ابن القيم هذا التأويل الفاسد في كتابه الصواعق المرسلة من اثنين وأربعين وجهًا، فلم يدَعْ ﵀ لمبطل متعلّقًا٣.
فإذا تبيّن فساد هذا التأويل الذي هو أشهر تأويلات هؤلاء، فإنَّ ما سواه من التأويلات أشدّ فسادًا وأكثر بعدًا عن الحق والصواب.
وقبل أن أختم هذا المبحث أودّ التنبيه على أمرين:
الأول: كلام القاضي أبي يعلى في كتابه إبطال التأويلات بعد أن ذكر أثر أم

١ تقدّم تخريجه (ص: ١٩) .
٢ مجموع الفتاوى (٥/١٤٤ ١٤٩) باختصار.
٣ انظر: مختصر الصواعق المرسلة (ص:٣١٩ وما بعدها) .

1 / 23