الكلام على قوله تعالى ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾

Ibn Rajab al-Hanbali d. 795 AH
15

الكلام على قوله تعالى ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾

الكلام على قوله تعالى ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾

Chercheur

أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني

Maison d'édition

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Genres

وبيان الحصر الَّذِي ذكره الشيخ ﵀ في هذه الآيات أن قوله: ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾ (١) فيه الحصر من الطرفين، فإنَّه اقتضى أن إنذاره مختص بمن اتبع الذكر، وخشي الرحمن بالغيب، فإن هذا هو المختص بقبول الإنذار والانتفاع به، فلذلك نفي الإنذار عن غيره، والقرآن مملوء بأن الإنذار إِنَّمَا هو للقائل له خاصة، ويتقضي أنَّه لا يتبع الذكر ويخشى الرحمن بالغيب إلا من أنذره، أي: من قِبَل إنذاره، وانتفع به، فإن اتباع الذكر وخشية الرحمن بالغيب مختصة بمن قبل الإنذار، كما يختص قبول الإنذار والانتفاع به بأهل الخشية واتباع الذكر. وكذلك قوله: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ (٢). وقوله: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ (٣). فإن انحصار الإنذار في أهل الخشية والإنذار، كانحصار أهل الخشية في أهل الإنذار والذين خروا سجدًا في أهل الإيمان، ونحو ذلك، فكذلك قوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (٤). وقد فسرها السَّلف بذلك أيضًا كما سنذكره إن شاء الله تعالى ونذكر شواهده. وهاهنا نكتة حسنة: وهي أن قول تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (٤) قد علم أنَّه يقتضي ثبوت الخشية للعلماء، لكن هل يقتضي ثبوتها لجنس العُلَمَاء، كما يقال: إِنَّمَا يحج المسلمون أو لا يحج إلا مسلم، فيقتضي ثبوت الجح لجنس المسلمين لا لكل فرد منهم؟ ويقتضي ثبوت الخشية لكل واحد من العُلَمَاء؟ هذا الثاني هو الصحيح، وتقريره من جهتين:

(١) يس: ١١. (٢) النازعات: ٤٥. (٣) السجدة: ١٥. (٤) فاطر: ٢٨.

2 / 784