The Encyclopedic Dictionary of Quranic Terms and Readings
المعجم الموسوعي لألفاظ القرآن الكريم وقراءاته
Maison d'édition
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Genres
مقدمة
...
مدخل:
كان القرآن الكريم محورًا لكثير من الدراسات منذ اللحظة الأولى لنزوله. وعلى الرغم من تنوع هذه الدراسات وتعددها، وما بذله العلماء فيها من جهود مضنية للإحاطة بالكثير من جوانبه فقد بقيت هذه الجهود قاصرة، شاهدة بذاتها على أن النص القرآني يجاوز كل طاقات النفس البشرية. وعلى الرغم من توالي الأحقاب والسنين، وتنوع الأعمال المعجميّة التي ألِّفت حول القرآن الكريم وقراءاته، فقد بقي المجال مفتوحًا لأعمال معجمية أخرى تضاف إلى الأعمال المعجمية السابقة، وتسد فراغًا لا تسده هي مجتمعة أو متفرقة.
ولعل أهم الأعمال المعجمية السابقة التي دارت حول ألفاظ القرآن الكريم وموضوعاته تندرج تحت الأنواع الآتية:
١- معاجم الغريب، سواء منها ما رتب ألفبائيا، أو حسب السور والآيات، وهي أكثر من أن تُحصى.
٢- معاجم الألفاظ، مثل: "معجم ألفاظ القرآن الكريم"، من إعداد مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
٣- المعاجم المفهرسة لألفاظ القرآن الكريم، والتي تخلو تمامًا من الدراسة، ولا تعدو في حقيقتها أن تكون قوائم بالكلمات القرآنية، مثل: "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم" لمحمد فؤاد عبد الباقي، الذي بناه على كتاب "نجوم الفرقان في أطراف القرآن" للمستشرق فلوجل الألماني، الذي طبع أول مرة عام ١٨٤٢م.
٤- المعاجم المفهرسة للأدوات والضمائر، والتي تعد تكملة للمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم السابق ذكره، مثل: المعجم الذي أعده الدكتوران:
1 / 1
إسماعيل أحمد عمايرة، وعبد الحميد مصطفى السيد. فقد "فهرس عبد الباقي جميع ما في القرآن الكريم من كلمات تندرج في الفعل أو الاسم الصريح، وترك الأدوات والضمائر" (مقدمة خليل عمايرة للمعجم صـ ٨) . وقد اقتصر هذا العمل كسابقه على الفهرسة، ولذا جاء في مقدمته:"ونحن في هذا العمل نفهرس ولا ندرس" (المقدمة ص ٩) . وقد أخذ صانعا المعجم على عمل محمد فؤاد عبد الباقي أنه خرج على منهجه حين ضمن معجمه بعض الأدوات أحيانًا "فهو يفهرس سوف، وبلى، ومع، وهذان، واللذان، واللائي، ولم يفهرس بل، والسين، وهذا، والذي، واللواتي، والذين" [كذا، ولم ترد في القرآن الكريم كلمة اللواتي] (المقدمة ص ١٠) .
٥- المعاجم التي تجمع بين النوعين السابقين، فتشمل الأفعال، والأسماء الصريحة، والأدوات والضمائر، مثل: "قاموس الألفاظ القرآنية" للدكتور حسين محمد الشافعي.
٦- المعاجم المفهرسة للقراءات القرآنية، ولا نعرف منها - في العصر الحديث- سوى "معجم القراءات القرآنية "، من إعداد الدكتورين: أحمد مختار عمر، وعبد العال سالم مكرم. وهو كسابقيه يعتمد على الفهرسة، ويخلو من الدراسة في صلب المتن، وإن حوى بعض التعليقات المفيدة، والشروح الموجزة في حواشي صفحاته.
٧- المعاجم المفهرسة لموضوعات القرآن الكريم، مثل: "تبويب آي القرآن الكريم من الناحية الموضوعية" لأحمد إبراهيم مهنّا، و"المعجم الموضوعي للقرآن الكريم"إعداد: حمزة النشرتي، وعبد الحفيظ فرغلي، وعبد الحميد مصطفى.
1 / 2
٨- المعاجم المفهرسة لآيات القرآن الكريم، مثل: "الدليل الكامل لآيات القرآن الكريم" للدكتور حسين محمد الشافعي.
٩- المعاجم الخاصة بأعلام القرآن الكريم، مثل: "معجم أعلام القرآن" للدكتور محمد التونجي.
١٠- المعاجم التي تجمع بين الأعلام والموضوعات، مثل: "معجم الأعلام والموضوعات في القرآن الكريم" للدكتور عبد الصبور مرزوق.
١١- المعاجم التي تجمع بين الألفاظ والأعلام، مثل: "معجم الألفاظ والأعلام القرآنية" لمحمد إسماعيل إبراهيم.
1 / 3
هدفنا من صنع هذا المعجم
كان أمامنا جملة من الأهداف حين فكرنا في إعداد هذا المعجم، وتقديمه لجمهور القراء، ومن هذه الأهداف:
١- مخاطبة عامة المسلمين في شتى أنحاء العالم، ولذا راعينا الإيجاز في التعبير، والسلاسة في الشرح والتفسير.
٢- عدم التوسع في عرض المعلومة، وترك ذلك للأعمال المتخصصة، أو كتب التفسير المطولة، مع عدم الإخلال - في الوقت نفسه- بمتطلبات الفهم، ومستلزمات الوضوح.
٣- الرجوع إلى أكبر قدر ممكن من أمهات المصادر القرآنية، واستخلاص أهم ما فيها من آراء وأفكار، مع إعادة عرضها بأسلوب عصري، ولغة مركزة.
٤- الجمع بين جميع الأعمال التي سبقتنا في عمل واحد يوفر الجهد، ويختصر الوقت، ويقدم المعلومة اللغوية أو المعرفية السريعة لمن يطلبها.
٥- مواكبة العصر، وملاحقة التطور السريع في وسائل عرض المعلومات وتيسير الحصول عليها، بتقديم هذا العمل في صورتين ورقية وإلكترونية (انظر النسخة الإلكترونية) .
٦- تلافي عيوب الأعمال المعجمية السابقة لهذا العمل، والاستيثاق من أيّ معلومة ترد فيها قبل إثباتها، والأخذ بمبدأ الشك تجنبًا لتثبيت الخطأ من ناحية، وحرصًا على إشاعة مبدأ التحقق بين الدارسين من ناحية أخرى.
1 / 4
٧- تبني منهج خاصّ، هدانا إليه إطالة النظر، وإعادة التأمل، وكثرة معايشتنا للنص القرآني وقراءاته، مع التركيز على الجوانب اللغوية، التي تعد المفتاح الحقيقي لفك مغاليق هذا النص، واكتناه أسراره.
وسنزيد هذه النقطة إيضاحًا حين نتحدث عن منهج المعجم.
٨- وزيادة في التيسير على مستخدم المعجم ألحقنا به فهارس متنوعة تساعد على الحصول على المعلومة المطلوبة، حسب رغبة الباحث (انظر: قائمة الفهارس الملحقة بالمعجم) .
كما تضمن برنامج النسخة الإلكترونية إمكانات متنوعة للبحث حسب حاجة المستخدم.
1 / 5
ما نعنيه بالمعجم الموسوعي
لإزالة أيّ لبس محتمل في فهم العنوان الذي اخترناه لهذا العمل نرى من الضروري توضيح النقطتين الآتيتين.
١- أن هذا العمل ليس موسوعة قرآنية، وإنما هو معجم موسوعي، والفرق بين الاثنين كبير عند أصحاب التخصص.
فالعمل المعجمي يتناول النص أو اللفظ من داخل اللغة، أما العمل الموسوعي فيتناول أيًّا منهما من خارج اللغة. ولهذا كانت منطلقاتنا فى عرض المعلومة كلها لغوية، بحيث تغطي الجوانب المتعددة للفظ بما يشمل جذر الكلمة، أو حروفها الأصلية، وما يتفرع عن الجذر من صور قياسية أو غير قياسية، مجردة أو مزيدة تتدخل عادة لتحديد معاني الصيغ أو المعاني الصرفية للكلمات، والتي تتقاسم مع المعاني المعجمية المعنى العام للكلمة. ويندرج أيضًا تحت المعلومة اللغوية بيان المعنى المعجمي للكلمة في سياقها القرآني المعين، وتعداد معانيها حين تتعدد إما لاشتراك لفظها بين أكثر من معنى، أو لاختلاف الموقف أو السياق المعين الذي وردت فيه الكلمة. ولم نكتف بهذا وذاك فحرصنا كذلك على تحديد المجال الدلالي، أو الموضوع الذي يدخل تحته اللفظ المعين.
٢- أن الجانب الموسوعي في هذا العمل المعجمي يبرز في النقاط الآتية:
أ- إعطاؤه أهمية للأعلام الواردة فى القرآن الكريم، وكذلك للأحداث التاريخية، وللأماكن والمواقع التي أشار إليها، وهي تعد معلومات
1 / 6
موسوعية، لأنها تأتي من خارج اللغة، ومن ذلك المعلومات التي وردت عند شرح كلمة "بدر" وأنها ماء مشهور بين مكة والمدينة، وقعت عنده غزوة انتصر فيها المسلمون وكانت في العام الثاني للهجرة.
ب- جمعه بين العمل التفسيري، والعمل الفهرسي سواء فيما يتعلق بالأفعال أو الأسماء أو الأدوات أو الضمائر المنفصلة، وهو ما يحدث لأول مرة في عمل قرآني واحد.
ج- جمعه بين ألفاظ القرآن الكريم، وألفاظ القراءات القرآنية، مع الاهتمام بالتفسير والتخريج، وليس بالجانب الإحصائي وحده، وهو ما يحدث لأول مرة فى عمل قرآني واحد.
1 / 7
ملاحظات على أعمال سابقة
على الرغم من أن عملنا لا يستمد قيمته من كشف عيوب الأعمال السابقة، لأن قيمته في ذاته، فقد وضعنا أيدينا - أثناء انشغالنا بجمع مادة معجمنا وتحريرها - وضعنا أيدينا على جملة من السلبيات التي تداركناها في عملنا، مما تطلب منا مراجعة دقيقة لأعمال السابقين، وعدم اقتباس ما ورد فيها من آراء وتفسيرات ما لم يكن له أصل فيما روي عن ثقات المفسرين، بل إننا لم نُسلم قيادنا لكل ما ورد في المصادر التراثية، فكنا ننخلها بدقة الباحث، ونزنها بميزان الخبير، وننحّي منها ما نشك في ثبوته، أو نقطع بعدم صحته.
وربما كان من المفيد أن نعرض ملاحظاتنا في مجموعات على النحو التالي:
أ: ملاحظاتنا على أعمال الفهرسة لألفاظ القرآن الكريم:
تشمل هذه الملاحظات عملين اثنين يكمل ثانيهما الأول، وهما: "المعجم الفهرس لألفاظ القرآن الكريم"، و"معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم"، وعملا ثالثًا يفترض أنه يجمع بين العملين السابقين: وهو "قاموس الألفاظ القرآنية" لحسين محمد الشافعي.
إنّ أول ما يلفت النظر في العملين الأولين عدم الإحاطة والشمول لكل ما ورد في القرآن من ألفاظ تدخل تحت عنوان الكتاب. فقد ترك محمد فؤاد عبد الباقي عددًا من الألفاظ دون سبب مقنع، اللهم إلا أن يكون من باب السهو والنسيان، ومن ذلك:
1 / 8
* لم يذكر: الذي، والتي، والذين، في حين ذكر: اللائي، واللاتي، واللذان، واللذين.
* لم يذكر: هذا، وهذه، في حين ذكر: هاتين، وهذان.
* لم يذكر: بل، والسين، فى حين ذكر: بلى، وسوف.
* وترك واضعا معجم الأدوات والضمائر أمثلة كثيرة منها:
* لم ترد تلكما، وتلكم، مع ورود تلك.
* لم يدخل في الإحصاء ورود "على" مرتين في آية: ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ (النساء: ٢٥)، ومثل هذا: يقال عن "اللام" التي وردت مرتين في آية: ﴿لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ (النساء: ١٦٨)، إذ لم تحتسب إلا مرة واحدة.
* لم يذكر المعجم الرقم الكلي لمرات ورود الأداة "ال" في القرآن.
* أسقط الباحثان موضعين وردت فيهما "الفاء" في سورة آل عمران وحدها، وهما الآيتان٩٣، ١٥٩. فقد وردت في الأولى مرتين، وذكراها مرة واحدة، ووردت في الثانية أربع مرات، وذكراها ثلاثا فقط.
وثاني ما يلفت النظر في هذين العملين اضطراب المنهج، واختلال الإحصاء بالإضافة إلى ما يعاني منه المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم من خلط مشتقات الجذر الواحد، وعدم تمييز تصريفات كل مشتق عن المشتق الآخر (وهو ما أطلقنا عليه في معجمنا اسم الجذع أو الساق، الذي يشكل في المعجم العربي أسرة من الكلمات أو التصريفات ترتبط في دلالتها المعجمية والصرفية) . ومن الأمثلة على ذلك خلطه الفعلين: لَبَس (ومضارعه: يلبِس، بمعنى خلط) ولبِس (ومضارعه: يلبَس بمعنى ارتدى) مع وجوب فصلهما إلى مجموعتين مستقلتين تشتمل الأولى على: لَبَسْنا- تَلبِسوا- تَلبِسون- يَلبِسكم-
1 / 9
يَلْبِسوا- يَلبِسون- لَبْس، والثانية على: تَلْبَسونها- يَلْبَسون- لباس- لباسًا- لباسهم- لباسهما- لبوس.
أما صور الخلل والاضطراب في معجم الأدوات والضمائر فأكثر من أن تحصى، مما جعلنا نرجع إلى نص المصحف - في الدرجة الأولى - ولا نعتمد عليه في ذكر الصور الواردة. وربما يكفينا لإثبات ذلك أن نشير إلى النماذج الآتية:
* ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ (الشعراء: ١٦٦)، وردت في ص ٢١٥: الشعراء١١٦.
* ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ (يوسف:٢١)، وردت في ص٣٩٧، يوسف١٢.
* سورة الأحزاب، رقمها في المصحف ٣٣، وليس ٣٢ كما وردت عدة مرات في ص ٣٤٩.
* ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً﴾ (الأحقاف: ٣٥)، ذكر رقم السورة أمامها٣٦، والصواب٤٦.
* فى ص٣٣٠ وحدها أربعة أخطاء هي: ٨٤/١٠، وصحتها:٨٥ (البروج)، ٨٩/١٦، وصحتها:٨٩/١٥ (الفجر)، ٩/٨، وصحتها:٩١/٨ (الشمس)، ٩٠/١٣، وصحتها: ٩١/١٣ (الشمس) .
وثالث ما يلفت النظر شيوع الأخطاء الطباعية في كتابة الكلمات القرآنية. ومن أمثلة ذلك في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم:
* في ص٤٢٤ كتبت الكلمة القرآنية: ضَيَقًا، وصحتها: ضَيِّقًا.
1 / 10
* في ص٤٦٧ كتبت الآية: ﴿فَلَمَّا تَرَاءتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَقِبَيْهِ﴾ (الأنفال: ٤٨)، وصحتها: ﴿نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ .
ومن أمثلته في معجم الأدوات والضمائر كتابة آية التغابن (٦): ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ (التغابن: ٦)، وصحتها: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ٠٠٠﴾ .
أما العمل الثالث، وهو قاموس الألفاظ القرآنية، فعلى الرغم من الجهد المبذول فيه، ومن استحداثه معلومات إحصائية عن كل لفظ ورد فيه، ومن استدراكه على عمل محمد فؤاد عبد الباقي عددًا من الهفوات - على الرغم من كل ذلك يعيبه ما يأتي:
١- أنه جاء رِدَّة إلى الوراء بالنسبة لمعجم الأدوات والضمائر، حيث خلت قائمة ألفاظه من كلمات، مثل: "ال"، و"الباء"، و"السين"، و"الفاء"، و"الكاف"، و"اللام"٠٠إلخ، مكتفيًا بوضعه إياها في عمود عنونه "حروف مكملة". ومعنى هذا أن الباحث عن أشكال الواو في القرآن، واستعمالاتها عليه أن يقرأ عمود الحروف المكملة في جميع صفحات المعجم ليقوم هو بنفسه بما كان يجب أن يقوم به المؤلف.
وجميع هذه الأدوات موجودة باعتبارها مداخل مستقلة في معجم الأدوات والضمائر.
٢- أن المعجم خلا من فهرسة الضمائر المتصلة، مثل: ألف الاثنين، وتاء الضمير، ونون النسوة، وواو الجماعة وغيرها، وكلها واردة في معجم الأدوات والضمائر.
٣- أن ما ادعاه المؤلف من أن قاموسه قد اشتمل على جميع الألفاظ الواردة في المصحف، وأنه ليس قاصرًا (كذا، والصواب مقصورًا) على الأسماء
1 / 11
والأفعال ادعاء غير صحيح، لخلوه من كثير من الألفاظ القرآنية، والتي مثلنا لبعضها في الفقرتين السابقتين.
٤- أن المؤلف لا يفرق بين الترتيب الأبجدي والترتيب الهجائي، مع ما بينهما من فرق شاسع، فيذكر أن قاموسه عبارة عن دليل أبجدي، وهو في الحقيقة دليل ألفبائي أو هجائي.
٥- أن المؤلف شق على الباحث حين اكتفى بذكر رقم السورة بدلا من اسمها، وهو صنيع ابتدعه المستشرقون ولم يجد رواجًا بين المسلمين، بالإضافة إلى أنه لا يوفر شيئًا يذكر في مساحة الصفحة.
٦- أن طريقة الباحث في ترتيب المداخل طريقة لا تتلاءم مع طبيعة اللغة العربية الاشتقاقية، ولعله تعمد الهروب من طريقة الترتيب على الجذور، لأنها أشق على غير المختص، والظاهر من لغة المقدمة أن المؤلف لا يحسن التعبير باللغة العربية السليمة، فقد بدأ أول سطر بقوله: أعددت قاموس عصري لألفاظ القرآن الكريم٠٠ (ص ٥) . ويكفي أن أمثِّل بحرف التاء، الذي بدأ بالمدخل " تاب "، ثم تلاه المداخل: تابا - تابع – تابعين - تابوا٠٠ وجاءت "أتوب" في حرف الهمزة: و"متاب" في حرف الميم، و"يتوب" في حرف الياء٠٠إلخ.
ب: ملاحظاتنا على معجم ألفاظ القرآن الكريم:
على الرغم من الجهد المبذول في هذا المعجم، والذي استغرق ثلاثين عامًا، وعلى الرغم من الشهرة التي حققها من بين نظرائه في مجال التفسير لألفاظ القرآن الكريم فقد بدت لنا أثناء العمل بعض ملاحظات نلخص أهمها فيما يأتي:
1 / 12
أولًا: سقوط بعض الكلمات القرآنية من المعجم، كما حدث مع كلمة "الموتى" التي وردت في القرآن الكريم سبع عشرة مرة، وليس لها وجود تحت الجذر (م وت)، في حين وردت كلمة "أموات" و"ميتون" (٢/١٠٦٥،١٠٦٦) . وكما حدث مع كلمة "نَزْلَة" التي لم ترد تحت الجذر (ن ز ل) مع ورودها في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ (النجم: ١٣) .
ثانيًا: حدوث خطأ في بعض الجذور، كوضعه الفعل تتجافى تحت الجذر (ج ف ا) وصحته: (ج ف و) .
ثالثًا: حدوث أخطاء طباعية تتمثل في سقوط الجذر (هـ م ر)، ووضع كلمة "منهمر" تحت الجذر السابق (هـ م د)، وفي ذكر أرقام الآيات خطأ، كما في كلمة "راعنا" التي ذكر تحتها ١٤٦/النساء، وصحتها: ٤٦/النساء، وحرف النداء "يا" الذي اقتبس المعجم له الآية ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ وذكر أنها وردت في البقرة ٥١، والصواب: البقرة٢١، وغير ذلك.
رابعًا: قصور الشرح، كما حدث مع كلمة "جحيم" التي اقتصر المعجم على أحد معانيها في القرآن، وهو اسم من أسماء جهنم، وترك المعنى الثاني، وهو النار المؤججة الشديدة الاتقاد، كما في قوله تعالى: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ (الصافات: ٩٧) .
خامسًا: نقص الإحصاء، كما ورد في مادة "الذوق"، حين قال المعجم: إن اللفظ قد استعمل على الحقيقة بمعنى إدراك الطعام بالفم في آية واحدة هي: ﴿ذَاقَا الشَّجَرَةَ﴾ (الأعراف: ٢٢)، وقد فات المعجم آية ثانية في سورة "النبأ"، وهي: ﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا﴾ (النبأ: ٢٤) .
سادسًا: سوء توزيع الآيات القرآنية على معاني الكلمة القرآنية حين تتعدد، كما حدث مع قوله تعالى: ﴿أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾
1 / 13
(محمد: ٢٢)، فقد وضعها المعجم تحت: "مواضع الأجنة"، والصواب: "القرابات".
ج: ملاحظاتنا على معجم القراءات القرآنية:
أول ملاحظة على هذا المعجم: أنه عمل فهرسيّ تجميعي لا دراسي، وأنه لا يعطي في صلب المتن أيَّ معلومات كاشفة عن معاني الكلمات، أو تخريج القراءات، وهو بهذا يختلف عن معجمنا اختلافًا جوهريًا من حيث الهدف، ونوع المعلومات التي يزود بها القارئ.
وثاني ملاحظة: عدم شموله لكثير مما هو مدون من القراءات فيما وصلنا من مصادرها الأصلية. فقد خلت قائمة مصادره الأساسية من الأسماء الآتية، على سبيل المثال:
المبسوط في القراءات العشر لأبي بكر الأصبهاني.
اختلاف القراء السبعة في الياءات لابن غلبون.
إعراب القراءات الشواذ للعكبري.
معاني القراءات لأبي منصور الأزهري.
روح المعاني للألوسي.
وثالث ملاحظة: وقوعه في العديد من الهفوات من مثل:
خطأ في فهم بعض العبارات، كما حدث في قراءات "جَهْرَة"، فقد ذكر أمامها قراءتين هما: جَهَرة وزَهَرة (١/٢٠٢) . وقد جاء إثبات القراءة الثانية نتيجة خطأ في فهم عبارة ابن خالويه في "مختصر في شواذ
1 / 14
القرآن" التي ذكرت أن سهل بن شعيب وعيسى قد قرآ جَهَرة وزَهَرة. وهو يعني بالكلمة الثانية آية وردت في سورة طه.
خطأ في النقل عن المصدر، كما جاء في قوله تعالى ﴿فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ (آل عمران: ٥٧)، حيث ذكر المعجم قراءة "فتوفيهم" نقلا عن البحر المحيط (١)، والذي في البحر: "فنوفيهم" بنون الجمع.
سقوط بعض القراءات، كما في قوله تعالى: ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ (البقرة: ٨٧)، حيث ذكر المعجم قراءة واحدة هي "القُدْس"- بسكون الدال- وترك قراءة أخرى وردت في البحر المحيط (٢)، وهي "القُدُوس"، ونسبها إلى أبي حيوة.
سقوط أحد المصادر أمام بعض القراءات، كما حدث مع قراءة "يتصعّد" (معجم القراءات القرآنية ٢/١٣٣)، فقد سقط من المصادر البحر المحيط (٣) .
_________
(١) (٢/٤٧٥)
(٢) (١/٢٩٩)
(٣) (٤/٢١٨)
1 / 15
لماذا الاهتمام بالقراءات القرآنية؟
القراءات القرآنية هي الوجوه المختلفة التي سمح النبيّ ﷺ بقراءة النص القرآني بها قصدًا للتيسير، والتي جاءت وفقًا للهجة من اللهجات العربية القديمة. وقد تكفل الزركشي (١) بالتفرقة بين القرآن والقراءات بقوله: "القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان. فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد ﷺ للبيان والإعجاز، والقراءات هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كِتبة الحروف، أو كيفيتها، من تخفيف وتثقيل وغيرهما".
كما تكفل ابن الجزري ببيان الحكمة في تعدد القراءات في النص المصحفي (٢)، فقال: "فأما سبب وروده على سبعة أحرف فللتخفيف على هذه الأمة وإرادة اليسر بها، والتهوين عليها وتوسعة، ورحمة، وخصوصية لفضلها، وإجابة لقصد نبيها حيث أتاه جبريل فقال له: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف، فقال ﷺ: أسأل الله معافاته ومعونته. إن أمتي لا تطيق ذلك، ولم يزل يردد المسألة حتى بلغت سبعة أحرف"، وبعد أن استشهد ابن الجزري ببعض الأحاديث الصحيحة استمر في بيان الحكمة قائلًا: "إن الأنبياء ﵈ كانوا يبعثون إلى قومهم الخاصين بهم، والنبي ﷺ بعث إلى جميع الخلق: أحمرها وأسودها، عربيّها وعجميّها. وكانت العرب الذين نزل القرآن بلغتِهم لغاتُهم مختلفة، وألسنتهم شتى، ويعسر على أحدهم الانتقال من لغته إلى غيرها، أو من حرف إلى آخر. بل قد يكون بعضهم لا يقدر على ذلك، ولا بالتعليم والعلاج، ولاسيما الشيخ والمرأة، ومن لم يقرأ
_________
(١) (البرهان ١/٣١٨)
(٢) (النشر ١/٢٢)
1 / 16
كتابًا. فلو كلفوا العدول عن لغتهم والانتقال عن ألسنتهم لكان من التكليف بما لا يستطاع".
وزاد ابن قتيبة (١) الأمر تفصيلًا، فقال: " فكان من تيسيره أن أمره الله أن يقرئ كل قوم بلغتهم فالهذلي يقرأ: عتى حين والأسدي يقرأ: تِعْلَمون والتميمي يهمز، والقرشي لا يهمز، والآخر يقرأ: وإذا قيل لهم، وغيض الماء بإشمام الضم ولو أن كل فريق من هؤلاء أُمر أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلًا وناشئًا وكهلًا لاشتد ذلك عليه، وعظمت المحنة فيه".
وحديث نزول القرآن على سبعة أحرف من الأحاديث التي قبلها العلماء واشتهرت بينهم، وتناقلها الثقات جيلا عن جيل (انظر: تفسير الطبري ١/٢٥، والنشر١/١٢، ولطائف الإشارات ١/٣١ وغيرها) . وقد روي أن عثمان بن عفان حينما صعد المنبر وسأل من سمع النبي ﷺ يقول: "أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ" أن يقوم- قام الكثيرون حتى لم يحصوا، فعقب عثمان قائلًا: وأنا أشهد معهم (٢) .
وإذا كان العلماء قد اختلفوا في تحديد المراد بالأحرف، والمراد بالسبعة، وهل هي على سبيل الحصر، أو للتعبير عن الكثرة، فإنهم لم يختلفوا في أن الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع التي اختارها ابن مجاهد. يقول ابن الجزري: "لا يجوز أن يكون المراد من الأحرف السبعة هؤلاء السبعة القراء المشهورين - وإن كان يظنه بعضهم- لأن هؤلاء السبعة لم يكونوا قد
_________
(١) (تأويل مشكل القرآن ص٣٠)
(٢) انظر النشر ١/٢١، والإتقان ١/٤٥
1 / 17
خلقوا ولا وجدوا" (١) .وقد وجه كثير من العلماء اللوم لابن مجاهد لاقتصاره من بين القراء على سبعة، وإيقاعه الناس في الوهم والتلبيس، ولذا يقول السيوطي: "مسبِّع السبعة فعل ما لا ينبغي، وجعل الأمر مشكلا على العامة باختياره، فظن كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الحديث. وليته إذ اختار نقص عن السبعة أو زاد عليها ليزيل الشبهة" (٢) .
وإذا كان المشتغلون بالقراءات، المدونون لها قد وقفوا موقفًا متحفظًا من بعض القراءات، فما ذاك إلا لأنهم لاحظوا وقوع بعض القراء في التخليط، وبعض آخر في التفريط، فنخلوا هذه القراءات وميزوا بينها من ناحيتي الإسناد، والمتن. وتحدَّدت هذه المعايير على يد ابن الجزري (توفي ٨٣٣هـ) في شروط ثلاثة هي:
١- موافقة العربية ولو بوجه.
٢- موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالًا.
٣- صحة سند القراءة (٣) .
وإذا كان كثير من الأصوليين والفقهاء قد تبعوا ابن مجاهد في اختياره، أو زادوا على السبعة ثلاثة، فهناك كثيرون آخرون رفضوا المفاضلة بين القراءات على أساس تصنيف أصحابها إلى سبعة أو عشرة أو غير ذلك، وفاضلوا بينها على أساس المعايير الثلاثة السابقة، ولذا يقول القسطلاني: "فإذا اجتمعت هذه الثلاثة في قراءة وجب قبولها، وحرم ردها سواء كانت
_________
(١) (النشر١/٢٤)
(٢) (الإتقان ١/٨٠)
(٣) (١/١٠-١٢)
1 / 18
عن السبعة، أم عن العشرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين" (١) . ويقول ابن الجزري: "وقد ذكر الناس من الأئمة في كتبهم أكثر من سبعين ممن هو أعلى مرتبة وأجل قدرًا من هؤلاء السبعة" (٢) .
وإذا كان هذا هو رأي المحققين من الفقهاء والقراء والأصوليين الذين نظروا إلى القراءة باعتبارها وسيلة تعبُّد، وطريق تقرُّب، وشرطًا لصحة الصلاة، ومصدرًا للتشريع والتحريم والتحليل - فهناك إلى جانبهم فريق اللغويين الذين نظروا إلى القراءة نظرة مغايرة، لأن هدفهم مختلف، وغايتهم من قبول القراءة ليست العبادة أو الصلاة بها، إنما هي مجرد إثبات حكم لغوي أو بلاغي. ولذا فقد وضعوا شرطًا واحدًا لصحة الاستدلال اللغوي بالقراءة، وهو صحة نقلها عن القارئ الثقة حتى ولو كان فردا، سواء رويت القراءة بطريق التواتر، أو الآحاد، وسواء كانت سبعية، أو عشرية، أو أكثر من ذلك. بل إن ابن جني في مقدمة كتابه المحتسب كان حريصًا على وضع القراءة الشاذة على قدم المساواة مع القراءة السبعية، وذلك بقوله: إنه "نازع بالثقة إلى قرائه، محفوف بالرواية من أمامه وورائه، ولعله أو كثيرًا منه مساوٍ في الفصاحة للمجتمع عليه" (٣)، ويقول في مكان آخر: إنه لا يصح العدول عن المسمى شاذا، لأن الرواية تنميه إلى رسول الله ﷺ (٤) . والقراءة- من زاوية الاستشهاد اللغوي البحت- نص عربيّ، رواه أو قرأ به من يوثق في عربيته، ولهذا فهي- حتى على فرض اختلاف العلماء في صحة التعبد والصلاة بها-
_________
(١) (اللطائف ١/٦٨،٦٩)
(٢) (النشر ١/٣٧)
(٣) (١/٣٢)
(٤) (السابق ١/٣٢، ٣٣)
1 / 19
تحقق شرط اللغوي، وهو النقل عن العربي الثقة، حتى ولو كان فردًا، بل إن السيوطي يصرح بما هو أكثر من ذلك حين ينفي اشتراط العدالة في العربي الذي يستشهد بكلامه.
ومن هذا يتضح أن جمعنا القراءات القرآنية من مصادرها المتعددة، وتقديم ألفاظها في معجم هجائي لم نقصد به الترويج لها ليقرأ المسلمون بها في الصلاة، أو يتعبدوا بها، كما لم نقصد به أن تنافس النص المصحفي المتداول بأشكاله المحددة في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي.
ولما كانت غايتنا من إثبات القراءات هنا غاية معجمية لا تتجاوز إثبات وجود اللفظ في اللغة، أو ضبط نطقه، أو ذكر معناه، أو غير ذلك من النتائج الجزئية التي لا تعمم حكمًا، ولا تبني قاعدة، فلا يفسد هذه الغاية أن تكون القراءة هي النموذج الوحيد المنقول إلينا، إذ لم يشترط أحد من اللغويين لحجية النص في مثل هذه الحالة كثرة أو قلة.
وإذا كان جمع عثمان المسلمين على مصحف إمام قد أزال الفرقة بينهم، ووحد كلمتهم، وألزمهم بالصلاة والتعبد بنصوصه- فإنّ ذلك لم يلغ ما سجله المسلمون من قراءات على اعتبار أنها - في أضعف حالاتها - تعد نصوصًا لغوية موثقة، وكلامًا عربيًا فصيحًا. وما خالف رسم المصحف من هذه القراءات لا يخرج - حتى في أدنى درجاته- عن أن يكون من باب التفسير، أو الشرح اللغوي الذي كان يسجله بعض الصحابة القراء أو بعض المتلقين عنهم. فلماذا نحرم المسلمين من هذا النوع الموثق من التفسير؟، وإذا كان جمهور العلماء يحظر التعبد بالقراءات التي لم تتوفر فيها الشروط الثلاثة السابق ذكرها، فهناك غايات أخرى كثيرة تروى من أجلها كل القراءات، وتفهرس، وتشرح من مثل ما يأتي:
1 / 20