وقد كان منهجه في عرض الصفات وسوقها منهجًا سلفيًا واضحًا، إذ يفصل في الإثبات مع الإجمال في النفي على طريقة القرآن الكريم، فمثلًا يقول: "يتكلم، ويرضى، ويسخط، ويغضب، ويحب، ويبغض، ويكره، ويضحك، ويأمر، وينهى، ذو الوجه الكريم، والسمع السميع، والبصر البصير، والكلام المبين، واليدين ... الخ. ثم قال: - بعد أن ساق مجموعة من الصفات على النمط الذي ذكرنا-: "فبهذا الرب نؤمن، وإياه نعبد، وله نصلي ونسجد، فمن قصد بعبادته إلى إله بخلاف هذه الصفات فإنما يعبد غير الله، وليس معبوده بإله. (كفرانه لا غفرانه) ١ ا. هـ
وقال الإمام الدارمي في كتابه الذي رد فيه على الجهمية: (باب الإيمان بالعرش): وهو أحد ما أنكرته المعطلة، ثم قال: قال أبو سعيد: "وما ظننا أن نضطر إلى الاحتجاج على أحد ممن يدعي الإسلام في إثبات العرش والإيمان به، حتى ابتلينا بهذه العصابة الملحدة في آيات الله، فشغلونا بالاحتجاج لما لم تختلف فيه الأمم قبلنا. وإلى الله نشكو ما أوهت هذه العصابة من عرى الإسلام، وإليه نلجأ وبه نستعين٢اهـ.
هكذا ناقش الدارمي الجهمية بحرارة وبلهجة يظهر عليها التأثر الشديد من ذلك الإلحاد الذي فاجأه من حيث لا يتوقع. والمريسية التي ناقشها الإمام الدارمي ورد شبهها من أشد الطوائف الاعتزال تطرفًا، كما لا يخفى على كل مطلع على طوائف أهل الكلام.