إنه رحل إلى بلاد فارس، وخراسان، وأخيرًا عاد إلى بغداد، وتفيد المصادر أيضًا أن الإمام أحمد بدأ في الاشتغال بالحديث، وعمره ست عشرة سنة.
المحنة
وكان الإمام أحمد كغيره من أهل الحديث والسنة يذهب إلى أن الإيمان قول وعمل، وأنه يزيد وينقص، وأن القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود يوم يرفعه الله.
وعندما قامت للمعتزلة دولة قوية بتولي الخليفة السابع من خلفاء بني العباس الخليفة (المأمون) بلغ الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة ذروته، وتلك الفتنة التي عرفت في التاريخ باسم (المحنة) كان فيها للإمام أحمد موقف معروف في تاريخ الأمة الإسلامية، إذ وقف فيها موقفًا فريدًا عجز كثير من الأئمة والعلماء الثبات فيه. وملخصها ما يرويه المؤرخون والمترجمون للإمام أحمد: أن الخليفة (المأمون) قد استحوذ عليه جماعة من المعتزلة فأزاغوه عن طريق الحق، وأوقعوه في الباطل إذ زينوا له القول (بخلق القرآن)، ونفي صفات الله ﷿، والخوض في المطالب الإلهية بعيدًا عن نصوص الكتاب والسنة، بل إنه ضرب صفحًا من النصوص زاعمًا بأنها لا تفيد اليقين متأثرًا بفكرة المعتزلة١.
قال البيهقي: "ولم يكن في خلفاء بني أمية وبني العباس خليفة إلا على مذهب السلف، ومنهاجهم، فلما تولى المأمون الخلافة اجتمع به هؤلاء المعتزلة فحملوه على نفي الصفات والقول بخلق القرآن"اهـ.
وكل الذين تحدثوا عن المحنة يتفق كلامهم بأن الخليفة المأمون أتِيَ مِنْ قِبَلِ بطانة السوء، من أئمة الاعتزال، وتورط في مشكلة هزت خلافته لأنه لم يأخذ الأمر