أسلوب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير ﵁ وتطبيقاته التربوية
أسلوب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير ﵁ وتطبيقاته التربوية
Genres
ويفضل استعمال العتاب في الحوارات الفردية، كأن يكون بين الزوجين أو بين صديقين أو نحوهما، وإلا تحول العتاب إلى توبيخ؛ لأن " العتاب ما كان في خلوة، والتوبيخ لا يكون إلاّ في جماعة " (١)، وقال العلامة محمود الزمخشري: " فإن العتاب مُسافهةٌ متى كان مشافهةً " (٢)؛ لذا يحرص المحاور ألاّ يستعمل هذا الأدب إلاّ في حوارٍ فردي، بعيد عن الأسماع والأنظار، ولا يكثر منه، ولا يجعله ديدنه في كل حوار، وإنما يكون وقت الحاجة. (٣)
لذا فقد استعمل مصعب بن عمير ﵁ العتاب في حواره مع أمه، وإنما كان ذلك بأسلوبٍ لطيف، بعد تهديد أمه له بالسجن والتعذيب، ثم كان ذلك في حوارٍ فردي، إذ قال لها: " لئن أنتِ حبستَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي، قالت: فاذهب لشأنك" (٤)، فهي أرادت حبسه كخطأ تكرر منها سابقًا، ثم عاتبها بتلك الألفاظ، فاستطاع ﵁ تعديل ذلك الخطأ، فقد تركته أمه ولم تتعرض له.
ثالثًا: التذكير والوعظ:
إن للقلوب أدوية فعّالة تحييها من أمراضها وتنقذها من ضلالها، ومن ذلك التذكير والوعظ، فقد يكابر الطرف الآخر بعناده، أو تأخذه العزة بالإثم،
_________
(١) الحارثي، محمد بن علي: قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط٢، ١٤٢٦هـ، ٢/ ٣٧١.
(٢) الزمخشري، محمود بن عمرو: الكلم النوابغ، مطبعة وادي النيل، القاهرة، ط١، ١٢٨٦هـ، ص٢٢.
(٣) ينظر: التميمي، علي محمد: العتاب بين الأصدقاء، الناشر: غير معروف (فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية - الرياض)، ط١، ١٤٣٢هـ.
(٤) ابن سعد: مصدر سابق، ٣/ ٨٨.
1 / 80