المفصل في أحكام العقيقة

Husam al-Din Affaneh d. Unknown

المفصل في أحكام العقيقة

المفصل في أحكام العقيقة

Maison d'édition

طبع القدس / فلسطين (طبع هذا الكتاب على نفقة فاعل خير جزاه الله أفضل الجزاء)

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Genres

المُفَصَّل في أحكام العقيقة تأليف الدكتور حسام الدين بن موسى عفانه الأستاذ المشارك في الفقه والأصول كلية الدعوة وأصول الدين جامعة القدس

1 / 1

الطبعة الأولى القدس / فلسطين ١٤٢٤ هـ ٢٠٠٣ م طبع هذا الكتاب على نفقة فاعل خير جزاه الله أفضل الجزاء طباعة وتنسيق: شفاء بنت حسام الدين عفانه

1 / 2

بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1 / 3

قالوا في العقيقة - قال رسول الله ﷺ: (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى) - قال الإمام مالك بن أنس: وليست العقيقة بواجبة ولكنها يستحب العمل بها وهي من الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا. - وقال أبو الزناد من فقهاء التابعين: العقيقة من أمر المسلمين الذي كانوا يكرهون تركه. - وقال يحيى بن سعيد الأنصاري شيخ الإمام مالك: أدركت الناس لا يدعون العقيقة عن الغلام وعن الجارية. - وقال سفيان الثوري: ليست العقيقة بواجبة وإن صنعت فحسن. - وقال ابن الحاج المالكي: وفي فعل العقيقة من الفوائد أشياء كثيرة منها: امتثال السنة وإخماد البدعة ولو لم يكن فيها من البركة إلا أنها حرز للمولود من العاهات والآفات كما ورد فالسنة مهما فعلت كانت سببًا لكل خير وبركة والبدعة بضد ذلك.

1 / 4

مقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران الآية ١٠٢. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ النساء الآية ١. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب الآيتان ٧٠ - ٧١. وبعد ... فقد كنت قبل حوالي عشر سنوات، قد ألَّفتُ كتابًا بعنوان أحكام العقيقة في الشريعة الإسلامية، جمعت فيه أهم أحكام العقيقة باختصار (٧٠ صفحة)، وبعد إعادة النظر فيه، رأيت أن مسائل العقيقة تحتاج إلى بحث أوسع، ودراسة أكثر تفصيلًا، فعزمت على تأليف هذا الكتاب المفصل في أحكام العقيقة، وقد جاء بحمد الله، اسمه مطابقًا لمسماه، حيث إنني جمعت فيه كل مسائل العقيقة، التي تكلم عليها العلماء، مما وقفت عليه، وجمعت فيه كل ما وقفت عليه من الأحاديث النبوية الواردة في العقيقة، فبلغت ثلاثين حديثًا، وذكرت اثنين وعشرين أثرًا، من الآثار عن الصحابة والتابعين، وفصلت المسائل الفقهية، بذكر أقوال أهل العلم وأدلتهم، ورجحت ما وسعني الترجيح، ثم جعلت ملحقًا للكتاب، ذكرت فيه السنن المتعلقة بالمولود، كالتحنيك، والأذان في أذن المولود، وحلق رأسه، وختانه

1 / 5

وتسميته، والتهنئة بقدومه. وبعد هذا كله أرجو أن يكون هذا الكتاب مفيدًا لقارئه، ونافعًا بمضمونه كل من وهب له شيء من الأولاد، وإحياءً لسنة النبي ﷺ، حيث إننا نعيش في زمان ابتعد فيه الناس عن السنن النبوية، واستبدلوها بالعادات والتقاليد الغربية، فيحتفلون بأعياد ميلاد أولادهم في كل عام، ويصنعون الحفلات وينشدون النشيد المعروف بهذه المناسبة، ويصنعون كعكة خاصة لهذه المناسبة ويضعون حولها الشموع، وتكون بعدد سنوات عمر الولد المحتفل به ... إلخ هذه التقاليد المستوردة، والمخالفة لهدي النبي ﷺ، فقد ثبت في الحديث عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم. لهذا كله أحببت أن أجمع هذا الكتاب، لأقدم للناس البديل الشرعي لتلكم التقاليد الغربية الوافدة، وإحياءً لسنة النبي ﷺ فقد ورد في الحديث عن بلال بن الحارث ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (من أحيا سنة قد أُميتت بعدي، فإن له من الأجر مثل من عمل بها من الناس، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن ابتدع بدعة لا ترضي الله ورسوله، فإن له مثل إثم من عمل بها من الناس، لا ينقص ذلك من آثام الناس شيئًا) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن، ورواه ابن ماجة أيضًا، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ١/ ٤١ - ٤٢ وختامًا أقول ما قاله العلامة ابن منظور صاحب لسان العرب: [وليس لي في هذا الكتاب فضيلة أّمتُّ بها ولا وسيلة أتمسك بها سوى أني جمعت فيه ما تفرق في كتب السابقين]. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ٢٩ جمادى الأولى ١٤٢٢هـ وفق ٢٨/ ٧/ ٢٠٠٣ م ... كتبه د. حسام الدين بن موسى عفانه الأستاذ المشارك في الفقه والأصول / كلية الدعوة وأصول الدين منسق برنامج ماجستير دراسات إسلامية معاصرة / جامعة القدس

1 / 6

الفصل الأول ما يتعلق بالعقيقة وفيه المباحث التالية: المبحث الأول: تعريف العقيقة. المبحث الثاني: مشروعية العقيقة. المبحث الثالث: معنى قول الرسول ﷺ كل غلام مرتهن بعقيقته. المبحث الرابع: الحكمة من مشروعية العقيقة. المبحث الخامس: هل يكره تسمية العقيقة بهذا الاسم؟ المبحث السادس: حكم العقيقة واختلاف الفقهاء فيها وبيان الراجح المبحث السابع: شروط العقيقة. المبحث الثامن: ما هو الأفضل في العقيقة؟ المبحث التاسع: في حق من تشرع العقيقة. المبحث العاشر: الاشتراك في العقيقة. المبحث الحادي عشر: تفاضل الذكر والأنثى في العقيقة. المبحث الثاني عشر: التصرف في العقيقة (الانتفاع بها). المبحث الثالث عشر: حكم تلطيخ رأس المولود بدمها. المبحث الرابع عشر: اجتماع الأضحية والعقيقة.

1 / 7

المبحث الأول تعريف العقيقة لغةً واصطلاحًا أولًا: تعريف العقيقة لغةً: العقيقة: هي الشَّعر الذي يولد به الطفل لأنه يشق الجلد، قال امرؤ القيس: أيا هند لا تنكحي بُوهةً ... عليه عقيقته أحسَبَا (١) وهي مأخوذة من عَقَّ، يَعِقُّ ويعَقُّ، فنقول عق عن ابنه بمعنى حلق عقيقته أي حلق شعر رأسه أو ذبح الشاة المسماة عقيقة، قال ابن منظور: [وقيل للذبيحة عقيقة لأنها تذبح فيشق حلقومها ومريئها وودجاها قطعًا كما سميت ذبيحة بالذبح وهو الشق] (٢). وقال الجوهري: [وشعر كل مولود من الناس والبهائم الذي يولد عليه عقيقة ... ومنه سميت الشاة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه عقيقة] (٣). وقال الإمام النووي: [(عقق) قال الإمام أبو منصور الأزهري قال أبو عبيد قال الأصمعي وغيره العقيقة أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد وإنما سميت الشاة التي تذبح عنه في تلك الحال عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك

(١) البوهة: الرجل الضعيف الطائش، وقيل أراد بالبوهة الأحمق، وعقيقته شعره الذي ولد به، يريد أنه لا يتهيأ ولا يتنظف، والأحسب: الذي ابيضت جلدته من داء ففسد شعره، ومعنى البيت أن الشاعر يطلب من أخته أن لا تتزوج رجلًا ضعيفًا أحمقًا لم تحلق عقيقته حتى شاخ واختلف لون شعره، لسان العرب ١/ ٥٤٤، ٣/ ٢٦٥ - ٢٦٦، ٩/ ٣٢٣ - ٣٢٤. (٢) لسان العرب ٩/ ٣٢٥. (٣) الصحاح ٤/ ١٥٢٧، وانظر النهاية في غريب الحديث ٣/ ٢٧٦.

1 / 9

الشعر عند الذبح ولهذا قال في الحديث: (أميطوا عنه الأذى) يعني بالأذى ذلك الشعر الذي يحلق عنه. قال: وهذا مما قلت لك أنهم ربما سموا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من شبهه فسميت الشاة عقيقة لعقيقة الشعر. قال أبوعبيد: وكذلك كل مولود من البهائم فإن الشعر الذي يكون عليه حين يولد عقيقة وعقة. وقال الأزهري: ويقال لذلك الشعر عقيق بغير هاء. قال الأزهري: العق في الأصل الشق والقطع وسميت الشعرة الذي يخرج الولد من بطن أمه وهي عليه عقيقة لأنها إذا كانت على رأس الإنسي حلقت فقطعت وإن كانت على البهيمة فإنها تتنسل، وقيل للذبيحة عقيقة لأنها تذبح أي تشق حلقومها ومريئها وودجاها قطعًا كما سميت ذبيحة بالذبح وهو الشق. قال ابن السكيت: عق فلان عن ولده إذا ذبح عنه يوم أسبوعه، قال: وعق فلان أباه يعقه عقًا. وقال غيره: عق فلان والديه يعقهما عقوقًا إذا قطعهما ولم يصل رحمه منهما وجمع العاق القاطع لرحمه عققة، ويقال أيضًا: رجل عق، قال ابن الأعرابي: العقق قاطع الأرحام] (١). ثانيًا: تعريف العقيقة اصطلاحًا: عرف الفقهاء العقيقة بعدة تعريفات منها: - قال الإمام البغوي: [اسم لما يذبح عن المولود] (٢). - وقال الحافظ العراقي: [العقيقة: الذبيحة التي تذبح عن المولود] (٣).

(١) تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢/٣١ - ٣٢. (٢) التهذيب ٨/ ٤٧ وانظر فتح الباري ١٢/ ٣، المهذب مع المجموع ٨/ ٤٢٦، طرح التثريب ٥/ ٢٠٥. (٣) طرح التثريب ٥/ ٢٠٥.

1 / 10

وقال ابن عرفة المالكي: [العقيقة ما تقرب بذكاته من جذع ضأن أو ثني سائر الأنعام سليمًا من عيب مشروطًا بكونه في نهار سابع ولادة آدمي حي] (١). وتعريف ابن عرفة هذا فيه شروط غير مسلمة عند جماعة من الفقهاء كما سيأتي بيانه. ويمكنني القول بأن العقيقة هي: الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم سابعه شكرًا لله ﷾ على نعمة الولد ذكرًا كان أو أنثى (٢). وقد عرفها د. محمد أبو فارس بقوله: [هي الشاة التي تذبح عن المولود ...] (٣). وهذا التعريف غير جامع لأن فيه قصرًا للعقيقة على الشياه فقط وهذا على قول بعض الفقهاء الذين لا يجيزون العقيقة من الإبل والبقر وهو قول مرجوح كما سيأتي بيانه. فالأولى أن نعبر بقولنا هي الذبيحة فإن ذلك يعم الغنم والبقر والإبل حيث تصح العقيقة من هذه الأنواع كما سيأتي. وكلمة الذبيحة تقال في الشياه والبقر والإبل قال ابن منظور: [الذبيحة الشاة المذبوحة وشاة ذبيحة ... وكذلك الناقة ... قال الأزهري: الذبيحة اسم لما يذبح من الحيوان] (٤).

(١) التاج والإكليل ٤/ ٣٨٩. (٢) انظر المغني ٩/ ٤٥٨، المهذب مع المجموع ٨/ ٤٢٦، نيل الأوطار ٥/ ١٤٩، شرح الخرشي ٣/ ٤٦، سبل السلام ٤/ ١٧٩، الشرح الممتع ٧/ ٥٣٦. (٣) أحكام الذبائح ص ١٦٨. (٤) لسان العرب ٥/ ٢٢.

1 / 11

المبحث الثاني مشروعية العقيقة وفيه مطالب: المطلب الأول: العقيقة قبل الإسلام: كانت العقيقة معروفة عند العرب في الجاهلية، قال الماوردي: [فأما العقيقة فهي شاة تذبح عند الولادة كانت العرب عليها قبل الإسلام] (١). وقال ولي الله الدهلوي: [واعلم أن العرب كانوا يعقون عن أولادهم وكانت العقيقة أمرًا لازمًا وسنةً مؤكدةً، وكان فيها مصالح كثيرة راجعة إلى المصلحة الملية والمدنية والنفسانية، فأبقاها النبي ﷺ وعمل بها ورغب الناس فيها] (٢). ويدل على ذلك ما ورد في الحديث عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سمعت أبي - بريدة ﵁ يقول: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران]. رواه أبو داود والنسائي وأحمد والبيهقي وقال الحافظ في التلخيص: وسنده صحيح. وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح. وصححه الحاكم وقال: على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. وقال الشيخ الألباني: إنما هو على شرط مسلم (٣).

(١) الحاوي الكبير ١٥/ ١٢٦ (٢) حجة الله البالغة ٢/ ٢٦٠ - ٢٦١ (٣) سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود ٨/ ٣٣، صحيح سنن أبي داود ٢/ ٥٤٨، التلخيص الحبير ٤/ ١٤٧، سنن البيهقي ٦/ ١٠١، المستدرك ٤/ ٢٣٨، إرواء الغليل ٤/ ٣٨٩.

1 / 12

ويدل على ذلك أيضًا ما ورد عن عائشة ﵂ في حديث العقيقة قالت: (وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر رسول الله ﷺ أن يجعل مكان الدم خلوفًا) رواه البيهقي، وقال النووي إسناده صحيح (١). وذكر السيوطي أن عبد المطلب جد النبي ﷺ قد عق عنه في سابع ولادته (٢). وقال السيوطي: [وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس ﵄ قال: لما ولد النبي ﷺ عق عنه عبد المطلب بكبش وسماه محمدًا فقيل له يا أبا الحارث: ما حملك على أن سمّيته محمدًا ولم تسمه باسم آبائه؟ قال: أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده الناس في الأرض] (٣) كما أن العقيقة كانت معروفة في شريعة موسى ﵇ فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاه) رواه البيهقي، ورواه ابن أبي الدنيا، وقال محققه: وفي إسناده أبي حفص الشاعر وأبوه وهما مجهولان، ورواه البزار، وذكره الحافظ بن حجر ولم يتكلم عليه بشيء (٤).

(١) سنن البيهقي ٩/ ٣٠٣، المجموع ٨/ ٤٢٨، إرواء الغليل ٤/ ٣٨٩، الإحسان ١٢/ ١٢٤. (٢) الحاوي للفتاوي ١/ ١٩٦. (٣) الخصائص الكبرى ١/ ١٣٤، وانظر السيرة الحلبية ١/ ١٢٨. (٤) شعب الإيمان ٦/ ٣٩١، السنن الكبرى ٩/ ٣٠٢، كتاب العيال ١/ ٢١٢، انظر مجمع الزوائد ٤/ ٥٨، فتح الباري ١٢/ ٩.

1 / 13

وقال الألباني: [بإسناد رجاله ثقات لكن فيه عنعنة ابن جريج لكن قد صرح بالتحديث عند ابن حبان فصح الحديث والحمد لله] (١)، ورواه ابن حبان وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح (٢). المطلب الثاني: العقيقة في الإسلام: ثبتت مشروعية العقيقة بالسنة النبوية من قول النبي ﷺ ومن فعله، ووردت فيها آثار كثيرة عن السلف وإليك بيان ذلك: أولًا: السنة القولية فقد وردت فيها أحاديث كثيرة منها: ١. روى الإمام البخاري بسنده عن سلمان بن عامر الضبي ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى) ورواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد والدارمي والبيهقي (٣). وقوله: (فأهريقوا) مأخوذ من هرق بمعنى: أراق، تقول العرب: أراق الماء يريقه وهراقه يهريقه بفتح الهاء هراقة، ويقال فيه: أهرقت الماء أهرقه إهراقًا، وهذا فيه إبدال للهمزة بالهاء وقد يجمع بين البدل والمبدل منه كما في (أهريقوا) (٤). ٢. عن سَمُرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمَّى) رواه أبو داود واللفظ له، ورواه الترمذي

(١) إرواء الغليل ٤/ ٣٨٩. (٢) الإحسان ١٢/ ١٢٤. (٣) صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري ١٢/ ٩، سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود ٨/ ٣٠، سنن الترمذي ٤/ ٨٢، سنن النسائي ٧/ ١٦٦، سنن البيهقي ٩/ ٢٩٩، مسند أحمد ٧/ ١٧، سنن ابن ماجة ٢/ ١٠٥٦. (٤) انظر النهاية في غريب الحديث ٥/ ٢٦٠، المصباح المنير ص٢٤٨.

1 / 14

والنسائي وابن ماجة والبيهقي وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال الشيخ ناصر الدين الألباني: صحيح (١). ٣. عن أم كُرْز الكعبية ﵂ قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) رواه أبو داود واللفظ له وأحمد والبيهقي (٢). قال الإمام النووي: [قوله ﷺ: (شاتان مكافئتان) أي متساويتان وهو بكسر الفاء وبهمزة بعدها هكذا صوابه عن أهل اللغة وممن صرح به الجوهري في صحاحه قال: ويقوله المحدثون مكافَئتان يعني بفتح الفاء والصحيح كسرها] (٣). ٤. وفي رواية أخرى لحديث أم كرز أنها سألت رسول الله ﷺ عن العقيقة فقال: (نعم عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة، لا يضركم ذكرانًا أم إناثًا) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وأحمد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وصححه النووي. وقال الألباني: صحيح. وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح (٤).

(١) سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود ٨/ ٢٨، سنن الترمذي ٤/ ٨٢، سنن النسائي ٧/ ١٦٦، سنن ابن ماجة ٢/ ١٠٥٧، المستدرك ٤/ ٢٣٧، سنن البيهقي ٩/ ٢٩٩، صحيح سنن النسائي ٣/ ٨٨٥، إرواء الغليل ٤/ ٣٨٥، مسند أحمد ٥/ ٧ - ٨،١٢، ١٧، ١٨. (٢) سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود ٨/ ٢٧، مسند أحمد ٦/ ٤٢٢، سنن البيهقي ٩/ ٣٠١. (٣) المجموع ٨/ ٤٢٩، وانظر طرح التثريب ٥/ ٢١٤، فتح الباري ١٢/ ٩. (٤) عون المعبود ٨/ ٢٦، سنن الترمذي ٤/ ٨٣، سنن النسائي ٧/ ١٦٥، سنن ابن ماجة ٢/ ١٠٥٦، المجموع ٨/ ٤٢٨، صحيح سنن النسائي ٣/ ٨٨٥، الإحسان١٢/ ١٢٨، إرواء الغليل ٤/ ٣٩١، سنن البيهقي ٩/ ٢٠٠.

1 / 15

٥. عن يوسف بن ماهك قال: دخلنا على حفصة بنت عبد الرحمن فسألناها عن العقيقة فأخبرتنا أن عائشة أخبرتها أن رسول الله ﷺ قال: (عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة) رواه ابن حبان واللفظ له ورواه أحمد والترمذي وابن ماجة وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح (١). ٦. وفي رواية أخرى للحديث السابق: (أن عائشة أخبرتهم أن الرسول ﷺ أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. ورواه أيضًا البيهقي وقال الألباني: صحيح (٢). ٧. عن أسماء بنت يزيد ﵂ أن النبي ﷺ قال: (العقيقة حق عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) رواه أحمد والطبراني وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله محتج بهم (٣). ٨. عن أبي هريرة ﵁ أنه ﷺ قال: (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى) قال الهيثمي رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (٤). ٩. عن يزيد بن عبدٍ المزني عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال: (يُعق عن الغلام ولا يُمس رأسه بدم) رواه ابن ماجة والطحاوي والطبراني في الأوسط وفي الكبير

(١) الإحسان ١٢/ ١٢٦، سنن الترمذي ٤/ ٨١ - ٨٢، سنن ابن ماجة ٣١٦٣، المسند ٦/ ٣١. (٢) سنن الترمذي ٤/ ٨١ - ٨٢، سنن البيهقي ٩/ ٣٠١، صحيح سنن الترمذي ٢/ ٩٢، إرواء الغليل ٤/ ٣٨٩. (٣) مجمع الزوائد ٤/ ٥٧، وانظر فتح الباري ١٢/ ٩، الفتح الرباني ١٣/ ١٢١. (٤) مجمع الزوائد ٤/ ٥٨.

1 / 16

وقال الهيثمي: ورجاله ثقات، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده حسن وصححه الألباني (١). ١٠. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ﵁ أن النبي ﷺ أمر بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق) رواه الترمذي وقال حسن غريب. وقال الألباني: حسن (٢). ١١. عن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: (إذا كان يوم سابعه فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى وسمُّوه) رواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله ثقات كما قال الهيثمي (٣). ١٢. عن ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ قال: (للغلام عقيقتان وللجارية عقيقة) قال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه عمران بن عيينة وثقه ابن معين وابن حبان وفيه ضعف (٤). وقال الشيخ الألباني: أخرجه الطحاوي بسند جيد في الشواهد وذكر أن طريق الطحاوي سالمة من الضعف (٥). ١٣. عن عائشة ﵂ قالت في حديث العقيقة: (وكان أهل الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة ويجعلونه على رأس الصبي فأمر رسول الله ﷺ أن يجعل مكان الدم خلوفًا) (٦).

(١) سنن ابن ماجة ٢/ ١٠٥٧، مجمع الزوائد ٤/ ٥٨، صحيح سنن ابن ماجة ٢/ ٢٠٧، السلسلة الصحيحة ٤/ ٦٥٢، إرواء الغليل ٤/ ٣٨٩. (٢) سنن الترمذي ٥/ ١٢١، صحيح سنن الترمذي ٢/ ٣٧١، وانظر نيل الأوطار ٥/ ١٥٢. (٣) مجمع الزوائد ٤/ ٥٨. (٤) المصدر السابق. (٥) إرواء الغليل ٤/ ٣٩٢. (٦) سبق تخريجه.

1 / 17

١٤. عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة) (١). ١٥. عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي ﷺ قال: (العقيقة تذبح لسبع أو أربع عشرة أو أحد وعشرين) رواه الطبراني، وقال: لم يروه عن قتادة إلا إسماعيل تفرد به الخفاف (٢). ١٦. عن أم سلمة عن النبي ﷺ في العقيقة قال: (من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فليفعل) رواه الطبراني وقال: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا إسماعيل، وإسماعيل بن مسلم ضعيف (٣). ١٧. عن القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن أبيه قال: عق رسول الله ﷺ عن الحسن والحسين عن كل واحد منهما بكبش ودينار ودخل رسول الله على فاطمة في عقيقة أحدهما فقال: (يا فاطمة ما فعل لحم عقيقتكم قالت: يا رسول الله أكلنا وأطعمنا وتصدقنا وقد بقي منه قالت فناولته الذراع وهو قائم فأكله بغير خبز ثم دخل في الصلاة وما مس ماءً) رواه ابن أبي الدنيا، وهو حديث مرسل في إسناده القاسم بن عبد الرحمن وهو ضعيف جدًا (٤). ١٨. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (سئل رسول الله ﷺ عن العقيقة فقال: لا أحب العقوق، وكأنه كره الاسم. فقالوا: يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له. قال: من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن

(١) سبق تخريجه. (٢) المعجم الصغير ٢/ ٢٩. (٣) المعجم الأوسط ٢/ ١٧٣، وانظر الفتح الرباني ١٣/ ١٢٤. (٤) كتاب العيال ١/ ١٨٥.

1 / 18

الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وقال الشيخ ناصر الدين الألباني: حسن صحيح. وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: وهذا سند حسن. والحديث رواه البيهقي من طريقين الأول طريق عمرو بن شعيب المذكورة أعلاه، والثانية عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن أبيه فذكره ثم قال: [وهذا إذا انضم إلى الأول قويا] (١). ١٩. عن أبي رافع ﵁ أن الحسن بن علي حين ولدته أمه أرادت أن تعق عنه بكبش عظيم فأتت النبي ﷺ فقال لها لا تعقي عنه بشيء ولكن احلقي شعر رأسه ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله ﷿ أو على ابن السبيل وولدت الحسين من العام المقبل فصنعت مثل ذلك) رواه البيهقي وقال: تفرد به ابن عقيل وهو إن صح فكأنه أراد أن يتولى العقيقة عنهما بنفسه كما رويناه فأمرها بغيرها وهو التصدق بوزن شعرهما من الوَرِق (٢). ٢٠. عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي ﷺ قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين (أن يبعثوا إلى القابلة منها برجل وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظمًا) رواه أبو داود في المراسيل كما ذكره البيهقي (٣).

(١) سنن البيهقي ٩/ ٣٣٠، وانظر المستدرك ٤/ ٢٣٨، صحيح سنن النسائي ٣/ ٨٨٤، الإحسان ١٢/ ١٣٢، المجموع ٨/ ٤٢٧ - ٤٢٨ (٢) سنن البيهقي ٩/ ٣٠٤. (٣) سنن البيهقي ٩/ ٣٠٢.

1 / 19

٢١. وعن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ قال: (عن الغلام عقيقتان وعن الجارية عقيقة) رواه الطحاوي والبزار والطبراني في الكبير وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني (١). ثانيًا: السنة الفعلية الثابتة عن رسول الله ﷺ فمنها أحاديث: ١. عن عكرمة عن ابن عباس ﵄: (أن رسول الله ﷺ عقّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا) رواه أبو داود (٢). وقال النووي: رواه أبو داود بإسناد صحيح (٣). وقال الألباني: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري وقد صححه عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى (٤). وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: وأخرجه ابن الجارود والطبراني وإسناده صحيح (٥). ٢. وفي رواية أخرى لحديث ابن عباس السابق: (أن الرسول ﷺ عق عن الحسن والحسين بكبشين كبشين) رواه النسائي وقال الألباني: صحيح (٦). ٣. عن بريدة ﵁ أن الرسول ﷺ: (عق عن الحسن والحسين) رواه أحمد والنسائي والطبراني (٧)، وقال النووي رواه النسائي بإسناد صحيح (٨).

(١) صحيح الجامع الصغير ٢/ ٧٥٥، إرواء الغليل ٤/ ٣٦٢. (٢) سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود ٨/ ٣٠. (٣) المجموع ٨/ ٤٢٨. (٤) إرواء الغليل ٤/ ٣٧٩. (٥) الإحسان ١٢/ ١٣٠. (٦) صحيح سنن النسائي ٣/ ٨٨٥، إرواء الغليل ٤/ ٣٨٠. (٧) المسند ٥/ ٣٥٥، سنن النسائي ٧/ ١٦٦. (٨) المجموع ٨/ ٤٢٧.

1 / 20

وقال الألباني: صحيح (١). وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: وإسناده صحيح على شرط مسلم (٢). ٤. عن أنس بن مالك ﵁ قال: (عقَّ رسول الله ﷺ عن حسن وحسين بكبشين) رواه ابن حبان وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح (٣). وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار وأبو يعلى والبزار والبيهقي، وصححه عبدالحق في الأحكام الكبرى وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. وقال الساعاتي ورجاله ثقات (٤). ٥. عن عائشة ﵂ قالت: (عق رسول الله ﷺ عن حسن وحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رأسهما الأذى) رواه ابن حبان وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن. ورواه البيهقي وقال النووي: بإسناد حسن (٥)، ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. ٦. وعن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ: (عق عن الحسن والحسين وقال: قولوا بسم الله والله أكبر اللهم لك وإليك هذه عقيقة فلان) رواه البيهقي بإسناد حسن كما قال النووي (٦).

(١) صحيح سنن النسائي ٣/ ٨٨٤. (٢) الإحسان ١٢/ ١٣١. (٣) الإحسان ١٢/ ١٢٥. (٤) سنن البيهقي ٩/ ٢٩٩، إرواء الغليل ٤/ ٣٨٢، مجمع الزوائد ٤/ ٥٨، الفتح الرباني ١٣/ ١٢٤. (٥) الإحسان ١٢/ ١٢٧، المجموع ٨/ ٤٢٨، سنن البيهقي ٩/ ٢٩٩ - ٣٠٠، المستدرك ٤/ ٢٣٧. (٦) المجموع ٨/ ٤٢٨.

1 / 21