25

عقيدة أهل السنة والجماعة للعثيمين

عقيدة أهل السنة والجماعة للعثيمين

Maison d'édition

الجامعة الأسلامية المدينة المنورة

Numéro d'édition

الرابعة

Année de publication

١٤٢٢ هـ

Genres

لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته، وخبره الصادق في قوله: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاّ وُسْعَهَا﴾ ١. الثالث: مدح المحسن على إحسانه، وذم المسيء على إساءته، وإثابة كل منهما بما يستحق. ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثا، وعقوبة المسيء ظلما، والله تعالى منزّه عن العبث والظلم. الرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ ٢، ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره ما بطلت حجته بإرسال الرسل. الخامس: أن كل فاعل يحس أنه يفعل الشيء أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم ويقعد، ويدخل ويخرج، ويسافر ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحدًا يكرهه على ذلك، بل يفرق تفريقا واقعيا بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرق الشرع بينهما تفريقا حكيما، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرها عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى. ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ ٣،فكيف يصح

١ سورة البقرة، الآية: ٢٨٦. ٢ سورة النساء، الآية: ١٦٥. ٣ سورة لقمان، الآية: ٣٤.

1 / 29