76

Le Droit de l'Éthique dans le Coran

دستور الأخلاق في القرآن

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

العاشرة ١٤١٨ هـ

Année de publication

١٩٩٨ م

Genres

فهؤلاء الناس لم يكونوا أقل تكليفًا بالاعتقاد في الحقائق المنزلة، بما في ذلك كفرهم الدائم، وهم على ذلك يفعلون المستحيل: أولًا: لأن أمرًا مما علم الله عدم وقوعه، لا يمكن أن يوجد. وثانيًا: لأنه ربما كان من المتناقض أن يؤمنوا بهذا الوحي الخاص، الذي يقرر أنهم لن يؤمنوا أبدًا، وبذلك يكونون في حالتي إيمان، وعدم إيمان. ويقدم فخر الدين الرازي هذا الاستدلال المزدوج، ويضاعف من حوله الأقوال، كأنما هو العقبة الكئود التي لن يستطيع العقليون أن يفلتوا منها أبدًا١. بيد أنه حتى لو افترضنا أن المقدمات صادقة، فلسنا نرى في هذا الاستدلال المزدوج سوى ضروب من القياس الكاذب. وأول الاستدلالات، وهو ما يستمدونه من علم الله السابق -يقوم على نوع من الخلط بين "الممكن" و"الواقع"، بين "الجوهر" و"الوجود" فليس معنى كون الشيء لا يوجد، أو لن يوجد أبدًا -أن يكون مستحيلًا في ذاته. فالعلم لا يغير جوهر الأشياء، فضلًا عن واقعها، إنه يسجل هذا الواقع، ثم يحكيه، ويعبر عنه، ولو كان كل ما علم الله أنه لا يوجد -"مستحيلًا" لوجب القول -لنفس السبب- بأن كل ما علم الله أنه يوجد "ضروري". فماذا بقي في الكون إذن لتتحقق فيه الإرادة الإلهية؟ وأما الاستدلال الثاني: فهو يقوم كذلك على خلط منطقي بين نوعين من القضايا، أحدهما قائم بذاته، والآخر معلق بغيره؛ فالإيمان وعدم الإيمان قضيتان متناقضتان، مفترض أنهما قد استوفتا كل الصفات المطلوبة.

١ التفسير الكبير، للرازي ١/ ١٨٥.

1 / 71