212

Le Droit de l'Éthique dans le Coran

دستور الأخلاق في القرآن

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Édition

العاشرة ١٤١٨ هـ

Année de publication

١٩٩٨ م

Genres

سبحانه هو الموجود العادل بحق: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ ١، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ٢.
وفي هذه الظروف، لا يستطيع أحد أن يتصور أن الله سبحانه قد أقر شريعة الواجب الإنساني بما تستتبعه من مسئولية وجزاء -دون أن يكون قد ذود الإنسان من قبل بوسائل العمل، الضرورية لأدائه.
والحق أن القدريين -حين أرادوا أن ينقذوا مبدأ وحدانية الخالق- لم يصلوا إلى حد إنكار الشريعة الأخلاقية، أو أن يعزوا إلى من وضع هذه الشريعة بعض الظلم. ولكنهم كانوا يتصورون هذه الشريعة الآمرة على أنها رمز لقانون وصفي محض، ويتصورون الجزاء على أنه الأثر الطبيعي الناشئ عن نظام الأشياء.
أما الأحرار الحريصون على الدفاع عن العدالة الإلهية -فإنهم -على العكس - لم يريدوا أن يرفعوا الإنسان إلى مرتبة الله، ولكن كان عليهم أن يقولوا بنوع من الاستثناء في فعل الخالق. ومن قبل قيد المنطق مدى هذه القضية: "كل ما يوجد مخلوق لله" علمًا بأن الله يوجد، ولا يمكن أن يكون مخلوقًا لنفسه. فلماذا لم يحدث منطق التجربة -هو أيضًا- قيدًا آخر باستثناء الأفعال الإنسانية؟ فإذا ما دفعنا هذين التعليلين إلى أقصى مدى انتهينا -بعكس ما هو مشاهد- إما إلى إلغاء الإرادة الإنسانية، ومعها واقع الواجب، وإما إلى تحديد مجال فعل الإرادة الإلهية تحديدًا كبيرًا.
وقد حاولت مدارس أهل السنة -فيما بعد- وبفضل مبدأ الاشتراك، الذي قالوا به، أن توفق بين هذين المفهومين المتعارضين، فلا الإرادة الإنسانية، ولا الإرادة الإلهية، كلتاهما لا يمكن أن تتوقف في الأعمال

١ النساء: ٤٠.
٢ يونس: ٤٤.

1 / 209