184

Le Droit de l'Éthique dans le Coran

دستور الأخلاق في القرآن

Maison d'édition

مؤسسة الرسالة

Numéro d'édition

العاشرة ١٤١٨ هـ

Année de publication

١٩٩٨ م

Genres

ألا يجب علينا -بالإضافة إلى ما قررناه من أهمية ملكات "المعرفة" و"الإرادة" أن نبحث أهمية "قدرتنا" وأن نقرر "أن فاعلية جهدنا"، أي: "حريتنا"، شرط "رابع" في المسئولية؟
إن مبدأ التناسب بين المسئولية والحرية تمتد جذوره بعمق في الضمير الإنساني، بحيث لا يمكن تجاهله دون أن يبدو في موقفنا شيء من الإجحاف فإلى أي حد إذن -إذا أخذنا الإنسان كما هو، يمكن أن نتحدث عن مسئولية مشروعة؟
إنا لنعلم أن مشكلة الحرية قد أثارت منذ الأزل نظريتين متعارضتين إلى أقصى حد، على الصعيد المجرد على الأقل: الحتمية، واللاحتمية.
فإذا أصغينا إلى ما يقوله بعض المفكرين فلن يكون مجال مطلقًا لإرادة إنسانية حرة، بالمعنى الصحيح، ولقد كتب شوبنهور schopenhouer يقول: "هناك أناس طيبون، وآخرون خبثاء، وذلك مثلما يوجد حملان، ونمور. فالأولون يولدون بمشاعر إنسانية، والآخرون يولدون بمشاعر أنانية، وعلم الأخلاق يصف أخلاق الناس، مثلما يصف التاريخ الطبيعي خصائص الحيوانات".
ويذهب سبينوزا spinoza إلى حد القول بأن الأعمال الإنسانية، شأن جميع ظواهر الكون، تنتج، وتستنبط بنفس الضرورة المنطقية التي يستنتج بها من جوهر المثلث أن زواياه الثلاث تساوي قائمتين.
وهذا "كانت" بطل الحرية، الذي جعل منها المسلمة الأساسية للحاسة الأخلاقية، يعلمنا نوعًا من الحتمية الإنسانية، التي لا يحول طابعها المطلق والميتافيزيقي، من أن تتعلق بالصرامة العلمية، إذ يؤكد أننا لو كنا نعرف جميع الظروف والسوابق، فإن أعمال الإنسان يمكن التنبؤ بها بنفس الدقة.

1 / 181