الإعراب المحيط من تفسير البحر المحيط
الإعراب المحيط من تفسير البحر المحيط
Genres
﴿قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا﴾ وهذه الجملة في موضع الحال، أي اهبطوا متعادين، والعامل فيها اهبطوا. فصاحب الحال الضمير في اهبطوا، ولم يحتج إلى الواو لإغناء الرابط عنها، واجتماع الواو والضمير في الجملة الإسمية الواقعة حالًا أكثر من انفراد الضمير. وفي كتاب الله تعالى: ﴿ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة﴾ (الزمر: ٦٠)، وليس مجيئها بالضمير دون الواو شاذًا، خلافًا للفراء ومن وافقه كالزمخشري. وقد روى سيبويه عن العرب كلمته: فوه إلى فيّ، ورجع عوده على بدئه، وخرجه على وجهين: أحدهما: أن عوده مبتدأ وعلى بدئه خبر، والجملة حال، وهو كثير في لسان العرب، نظمها ونثرها، فلا يكون ذلك شاذًا. وأجاز مكي بن أبي طالب أن تكون الجملة مستأنفة إخبارًا من الله تعالى بأن بعضهم لبعض عدوّ، فلا يكون في موضع الحال، وكأنه فر من الحال، لأنه تخيل أنه يلزم من القيد في الأمر أن يكون مأمورًا به، أو كالمأمور. ألا ترى أنك إذا قلت قم ضاحكًا كان المعنى الأمر بإيقاع القيام مصحوبًا بالحال فيكون مأمورًا بها أو كالمأمور، لأنك لم تسوّغ له القيام إلا في حال الضحك وما يتوصل إلى فعل المأمور إلا به مأمور به؟ والله تعالى لا يأمر بالعداوة ولا يلزم ما يتخيل من ذلك.
وقوله: لبعض متعلق بقوله عدوّ، واللام مقوية لوصول عدوّ إليه، وأفرد عدوّ على لفظ بعض أو لأنه يصلح للجمع، كما سبق ذكر ذلك عند الكلام على بعض وعلى عدوّ حالة الإفراد.
1 / 130