Le recueil de la biographie de Shaykh al-Islam Ibn Taymiyyah sur sept siècles et le volume complémentaire
الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون وتكملة الجامع
Maison d'édition
دار عطاءات العلم (الرياض)
Numéro d'édition
السادسة
Année de publication
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
Lieu d'édition
دار ابن حزم (بيروت)
Genres
الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية
خلال سبعة قرون (مضموما إليه تكملة الجامع)
جمع وتحقيق وفهرسة
علي بن محمد العمران ومحمد عزير شمس
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
1 / 1
مقدمة الطبعة الخامسة
حمدًا لله، وصلاة وسلامًا على رسوله ومن والاه.
وبعد، فهذه طبعة جديدة لهذا الكتاب الذي مضى على تأليفه نحو عشرين عامًا، وهي جديدة بكل ما في هذه الكلمة من معنى ..
جديدةٌ من حيث محتواها إذ أضيف إليها (تكملة الجامع) التي طبعت مفردة قبل عدة سنوات، فكان من المناسب جدًّا أن يدمجا في كتاب واحد بعد أن افترقا سنين، مع إضافة ترجمتين جديدتين للفيروزابادي واللكنوي.
وجديدة من حيث مقابلة مخطوطات بعض الكتب، كالدرة اليتيمية للذهبي على نسخة الظاهرية، ورسالة ابن مري على نسخة القدس وغيرها.
وجديدة من حيث تصحيح ما ندّ في الطبعات السابقة، من خطأ أو تصحيف، أو إضافة تعليق متمم أو شارح أو نحو ذلك.
واقتضى كل ذلك تعديلات وإصلاحات وإضافات متعددة في مقدمات الكتاب وتعليقاته وإحالاته وفهارسه، ودمج مقدمتي الجامع والتكملة في مكان واحد.
والحمد لله رب العالمين.
وكتب
د. علي بن محمد العمران
٢٤ رجب ١٤٣٩ هـ
1 / 7
تقديم
فضيلة الشيخ العَلَّامة
بكر بن عبد الله أبو زيد
رئيس مجمع الفقه الإسلامي، وعضو هيئة كبار العلماء
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فهذه بقية خير مما ترك الأولون على امتداد نحو سبعة قرون من عام ٦٦١ حتى عام ١٣٠٠، حَوَتْ خمسًا وسبعين صحيفة مشرقة من صحائف الأبرار، مدونة في خمسة وسبعين كتابًا من كتب السير والتاريخ والأخبار، أوعبت أكثر من سبع مئة صفحة، كتبها خمسة وخمسون عالمًا من علماء الإسلام (^١) من شتى الأقطار، عربًا وعجمًا، شامًا وعراقًا، ومصرًا وحجازًا ويمنًا، مشرقًا ومغربًا، على اختلاف مذاهبهم الإسلامية، وتنوع مشاربهم العَقَدِية، كُلٌّ حسب وُسْعه، ومبلغ علمه، وجادَّته في تأليف كتابه، جميعها في سيرة شيخ الإسلام، الإمام الحجة، المجدد للمحجة، وارث علم النبوة، الناصر للسنة، القامع للبدعة، المجتهد المطلق، الشهير بشيخ الإسلام، وبابن تيمية، وبهما، وبإمام الدنيا في زمانه، أحد أذكياء العالم وأفراده في الحفظ والعلم والعمل، المُحَلَّى قبل بلوغه الثلاثين من عمره بما يبلغ الصفحات بجميل الأوصاف في علمه وعمله واجتهاده، وتجديده وجهاده، وإيمانه وصبره،
_________
(^١) هذه الأعداد التي ذكرها الشيخ ﵀ حسب الطبعة الأولى، ثم زادت فيما بعد لتبلغ ثمانيًا وثمانين ترجمة لأربعة وستين عالمًا.
1 / 9
وتألهه، وزهده، وورعه، وشجاعته، وكرمه، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، والتعظيم لحرمات الله، الملقب بتقي الدين، والمكنى بأبي العباس، أحمد ابن الشيخ الإمام المفتي شهاب الدِّين أبي المحاسن عبد الحليم، ابن الشيخ الإمام شيخ الإسلام مجد الدِّين أبي البركات عبد السلام بن أبي محمد عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن تيمية بن الخضر بن علي بن عبد الله، النُّمَيْري نسبًا، الحَرَّاني مولدًا، ثم الدمشقي منشأً ومدفنًا، الحنبلي مذهبًا، ثم المجتهد، المشتهر بابن تيمية المجدد. المولود في يوم الاثنين ١٠/ ٣/ ٦٦١ المتوفى في ليلة الاثنين ٢٠/ ١١/ ٧٢٨ عن سبعة وستين عامًا وثمانية أشهر وعشرة أيام ــ رحمة الله تعالى عليه ــ.
تتابع تدوينُ هذه الصحف المباركة من يوم ولادته إلى يوم وفاته على النحو الآتي حسب وَفَيَاتهم:
١ - فرسالة تلميذه ابن شيخ الحزَّامين الحنبلي المتوفى سنة ٧١١ ــ رحمه الله تعالى ــ وصية لأتباع الشيخ بالثبات على نصرة السنة، وأن في نصرة الشيخ والذب عنه إحياء للسنة، مع أن تلميذه هذا أسن منه.
وقد استهلها بالوصية بالتقوى، وأن يكون للعبد ساعة من ليل أو نهار يخلو فيها بربه، ففيها من جلاء أصداء القلوب ما الله به عليم، وأن حفظ هذه الساعة غير ساعات الصلوات المكتوبة لأن وقتها قد يهجم على العبد وقلبه، فيجذب عن الإقبال على الله، لكن هذه الساعة إذا هجم عليها العبد، عرف مدى آثارها على ساعات صلواته.
ثم لفت إلى لقاء النبي ﷺ في سنته والعمل بها، وما يحصل بذلك من آثارِ رحمةِ الله على القلب من الخشية والصدق.
وأنه يجب الاعتدال بين أمور ثلاثة: المصالح الدنيوية، والفضائل
1 / 10
العلمية، والتوجهات القلبية.
ثم أفاض ــ رحمه الله تعالى ــ في شكر ما أنعم الله به من ظهور شيخ الإسلام أمام صفوف المُحْدِثين في الدين: فقهاء، وصوفية، وجهمية، وحلولية، ومظالم الأمراء والأجناد، والمبتدعة في العبادات ... ويوصيهم بالصبر، فإن البلاء قَدْ عَمَّ الأرض، وأتباع الشيخ المجدد مثل الشامة البيضاء في الجلد الأسود. ولن يعرف قدر هذا الرجل إلا من عرف حقيقة ما جاء به الرسول ﷺ. ووالله ثم والله إنه لا يوجد في عصره من تُستجلى السنن النبوية المحمَّدية من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، وما هو بالمعصوم.
ثم ذَكَر الموقف الدفاعي عن شيخ الإسلام ــ رحمه الله تعالى ــ مُتَّكِئًا على من كتب كراسة في عَدِّ مثالب الشيخ مدلسًا لها بذكر شيء من الفضائل؛ ليظهر إنصافه، فيوقع في قلوب الطلاب الوحشة من الشيخ وعلمه، وذكر ــ رحمه الله تعالى ــ أن هذا لا يحصل إلا من تغير عقل أو فهم أو صدق أو تقدم سِن، وَشَرَحَ هذا بما يتعين الوقوف عليه، وهذه من اللفتات النفيسة.
ومن اللفتات النفيسة ــ أيضًا ــ ما ذكره من أنه ما من شخص في نفسه شيء على آخر إلا ويجد عليه بعض الأشياء، لكن عند المحاققة نجدها جزئيات تُغْمَر في بحر علمه وعمله وفضله، والعصمة لأنبياء الله ورسله، والكمال لله وحده.
وبالجملة فهذه الرسالة أنشأها تلميذه الواسطي، ولا أراها في الدفاع عن شيخ الإسلام والوصية به وبتلامذه وكتبه، والحذر من مكايد خصومه إلا واسطةَ العقد من هذا «الجامع»؛ لما فيها من نفاذ البصيرة، وحسن الدفاع، ومراغمة المخالف بالحجة، فرحمه الله رحمة واسعة، آمين.
1 / 11
٢ - وما كتبه تلميذه الغياني الحنبلي ــ رحمه الله تعالى ــ تضمن مواقف جهادية كثيرة لشيخ الإسلام ــ رحمه الله تعالى ــ تفرد بها في تكسير الأحجار، ومعالم الوثنية التي يتعلق بها العوام، وإزالة كثير من البدع والضلالات، وهي في دمشق: العمود المُخَلَّق بالباب الصغير، وفي مسجد الكف، وصخرة مسجد النارنج، وصنم عند مسجد النارنج، وعمود آخر مُخَلَّق، وما يسمى قدم النبي ﷺ وإطعام العدس من سماط الخليل، وكان ساعده الأيمن في ذلك أخوه شرف الدِّين ــ رحمه الله تعالى ــ.
وفي مصر: بيانه عن مشهد الحسين، وكشف حال بني عُبيد وأنهم باطنية، ثم مناظرته مع ثلاثة من رهبان الصعيد وهو في قاعة الترسيم، وحضور الشيخ الدِّباهي من الشام إلى مصر ليصلح بين الشيخ والمنبجي.
٣ - ورسالة تلميذه ابن مُرِّي الحنبلي ــ رحمه الله تعالى ــ على نحو رسالة ابن شيخ الحزامين، لكنها تميزت بالوصية بعلم الشيخ وكتبه وحفظه في تلاميذه البارزين، وأن يُجْمَع كلامه بعضُه إلى بعض مهما تكرر مع المقابلة وتكثير نُسَخِها. ويوصي بتلميذه أبي عبد الله بن رُشَيِّق؛ لأنه خزانة ذخائر كتب ابن تيمية، وهو قليل ذات اليد، فليساعدوه حتى يتفرغ لجمعها ونسخها، لكن ابن رشيق توفي سنة ٧٤٩ ــ رحمه الله تعالى ــ والدَّين في ذمته، وهو في ذمة من فرَّط في مساعدته وسَدِّ خَلَّته ــ سامح الله الجميع ــ.
وأوصى برد الشيخ على عقائد الفلاسفة، وبَيَّن نُسَخَه، وأن يراجع في كتبه كذلك المزي وابن القيم وشرف الدين، وقال: «ووالله ــ إن شاء الله ــ ليقيمن الله لنصر هذا الكلام ونشره وتدوينه وتفهُّمه واستخراج مقاصده واستحسان عجائبه وغرائبه، رجالًا هم إلى الآن في أصلاب آبائهم ...» اهـ.
1 / 12
وقد تحقق ذلك ــ بحمد الله ــ فَبَرَّ قَسَمُ ابن مُرِّي، فجمعت كتب شيخ الإسلام، واشتغل بها وبتحقيقها العلماء، كما جمعت مسائل الإمام أحمد مع نهيه عن الكتابة عنه. ونظائر ذلك كثيرة وهو من تأييد الله لهذا الدين، وعباده الصادقين.
٤ - وعصريه النويري الشافعي في: «نهاية الأرب» ساق سبب سجن شيخ الإسلام بمصر عن مشاهدة وعيان، ثم اعتقالاته في دمشق وأسبابها مفصلة.
٥ - وكلمة تلميذه في القاهرة ابن سيد الناس المالكي في أجوبته، فيها أن أبا الحجاج المزي حمله على رؤية ابن تيمية، فلما رآه صار فوق وصفه، وأخذ في وصف حظه من العلوم بعبارة فائقة، وبيان مواقف الناس منه، وتأليبِ خصومِهِ السلطةَ عليه، وظهوره عليهم.
٦ - وترجمه عصريه الجزري الشافعي، ترجمة متوسطة تميزت بما حصل له ولبعض تلاميذه من سجن ومحن بسبب الفتوى في شد الرحال.
٧ - وترجمه تلميذه البرزالي الشافعي، وتميزت بما حصل لشيخ الإسلام من المواقف الجهادية للتتر وغيرهم، وما حصل له من خصومه من جدل ومحاضر وسجن وإيذاء وأسباب ذلك.
٨ - وترجمه عصريه الدواداري، بنحو ما لدى النويري، والجزري، والبرزالي.
٩ - رسالة عصريه ابن حامد الشافعي إلى أبي عبد الله بن رُشَيِّق، يعبر فيها عن انبهاره بكتب إمام الدنيا، ومباحثه في الرد على الفرق، وأنه لما حج عام ٧٢٨ عزم السفر إلى دمشق، لكن بلغته وفاته فعدل إلى داره الكوفة،
1 / 13
وطلب في رسالته فهرست مصنفات الشيخ وما تيسر منها.
١٠ - وعصريه عبد الباقي اليماني الشافعي، حلَّاه بما خصه الله به من المزايا علمًا وعملًا، وأن ابن حزم اتفق له ما اتفق للشيخ حذو القذة بالقذة.
١١ - سيرته لتلميذه ابن عبد الهادي الحنبلي ــ من آل قدامة ــ أوْفَى التراجم مادة، وقد رجع فيها إلى زميله الذهبي.
١٢ - تلميذه الذهبي الشافعي، ترجمه في تسعة كتب، عمدتها ترجمته في: «ذيل تاريخ الإسلام» وقد تميزت بالدفاع عنه.
١٣ - تلميذه ابن رُشَيِّق المغربي المالكي، أفرد رسالة في تسمية ما وقع له من مؤلفات شيخه. وقد أفاد هذا «الجامع» في مقدمته توثيق نسبتها إليه، وغلط من نسبها مطبوعة لابن القيم، بما تتابع المعاصرون عليه، منهم كاتب هذا التقديم.
١٤ - تلميذه ابن فضل الله العُمَري الشافعي لا الحنبلي، فاقت بطولها، والدفاع عنه، وساقها بأسلوب مسجوع على طريقة الترسُّل المليح، مع إضافة معلومات دقيقة.
١٥ - تلميذه ابن الوردي الشافعي، تميزت بطولها، والدفاع عن شيخه، وإضافات مهمة.
١٦ - تلميذه الوادي آشي المالكي، ترجمه في برنامجه ببضعة سطور، جمع فيها بين الثناء عليه، وتابع خصومَه بأنه كان يتبع شاذ الفتوى.
١٧ - تلميذه ابن القيم الحنبلي، نظم في النونية أمهات كتبه، وذكر مزاياها.
1 / 14
١٨ - تلميذه بالقاهرة مغلطاي الحنفي، استجازه فأجازه، وذكرها، وقال: لشيوع علمه استغنى عن التعريف بحاله.
١٩ - تلميذه الصفدي الشافعي، ترجمه في كتابين له، وتميزت بأمور أربعة: طولها، والدفاع عنه، وإضافة معلومات جديدة حكاها عن رصيفه الإمام شمس الدِّين ابن القيم، وعجيب أن هذه التراجم مع كثرتها لم يكثر ذِكْر ابن القيم فيها مع مزيد اختصاصه بشيخه. وكان سياق الصفدي بأسلوب السجع والترسل.
٢٠ - تلميذه ابن شاكر الكُتْبي الشافعي، ترجمه في كتابين: «فوات الوفيات» و«عيون التواريخ»، اعتمد في الأول على «الوافي بالوفيات» للصفدي، والثاني مختصرًا.
٢١ - عصريه اليافعي اليماني الشافعي، ترجمة مختصرة. وله فيها متابعة لخصوم شيخ الإسلام في النيل منه.
٢٢ - عصريه الفيومي الشافعي صاحب: «المصباح المنير» ترجمه مختصرًا.
٢٣ - تلميذه ابن كثير الشافعي. ذكره في أحداث اثنتين وثلاثين سنة في تاريخه من ولادته سنة ٦٦١ إلى وفاته سنة ٧٢٨ وهي مشبعة بالوقائع وما جَرَيات حياته، ومن قرأ خبر وفاته جهش بالبكاء ــ رحم الله الجميع ــ.
٢٤ - عصريه الملك الرسولي الشافعي، ترجمه مختصرًا، أثنى فيها على علومه ومناقبه وصفاته ووصف جنازته.
٢٥ - تلميذ تلامذته وعصريه شيخ والده ابن حبيب الشافعي، ترجمه في
1 / 15
كتابين محليًا له بجميل النعوت، والإشادة بشتى العلوم. وهما ترجمتان مختصرتان، منسوخة إحداهما من الأخرى.
٢٦ - عصريه ابن بطوطة المالكي تعرض لذكره في رحلته بما انْتُقِدَ عليه، وشُكَّ في نسبته إليه.
٢٧ - تلميذ تلامذته ابن رجب الحنبلي. ترجمه ترجمة مطولة مُشْبَعة، نافس فيها ابن عبد الهادي.
٢٨ - ترجمه المؤرخ الخزرجي الشافعي اليماني مختصرًا، فيها الثناء على الشيخ وعلومه، وهي قريبة من ترجمة الملك الرسولي، وكأن إحداهما منقولة عن الأخرى.
٢٩ - تلميذ تلامذته التقي الفاسي المالكي. ترجمة موجزة.
٣٠ - تلميذ تلامذته ابن ناصر الدِّين الشافعي. ترجمة حسنة تميزت بالذب عنه.
٣١ - تلميذ تلامذته وناصر مذهبه المقريزي الشافعي. له ترجمة مطولة، مشبعة بالوقائع والأحداث في «المقفى الكبير»، ومختصرة في «الخطط»، و«السلوك».
٣٢ - وترجمه ابن نصر الله الحنبلي في مختصره لذيل ابن رجب بنصها عن ابن رجب، وفقًا لشرطه في مقدمته في بعض التراجم.
٣٣ - تلميذ تلامذته الحافظ ابن حجر الشافعي. ترجمه مطولًا في «الدرر». وفي تقريظه للرد الوافر مختصرًا متميزًا بالدفاع عنه؛ وما يمس شيخ الإسلام هو فيه ناقل وليس بقائل.
1 / 16
٣٤ - تلميذ تلامذته العيني الحنفي. ترجمه مختصرًا في «عقد الجمان».
وفي تقريظه للرد الوافر دفاعًا عنه.
٣٥ - تلميذ تلامذته البلقيني الشافعي، في تقريظه للرد الوافر مختصرًا دفاعًا عنه.
٣٦ - وترجمه ابن تغري بردي الحنفي في ثلاثة من كتبه تراجم مختصرة.
٣٧ - وترجمه ابن مفلح الحنبلي. ترجمة حسنة.
٣٨ - ترجمه الحَرَضي اليماني الشافعي مختصرًا، تابع فيها اليافعي اليماني، إلا أنه رد عليه بنقل كلام أحد علماء اليمن المنصفين.
٣٩ - والتونسي المالكي في سطرين، على الجادة في كتابه.
٤٠ - والسيوطي الشافعي في بضعة سطور، على الجادة في كتابه.
٤١ - وترجمه ابن سباط، بذكر خبر وفاته ــ رحمه الله تعالى ــ وهو درزي.
٤٢ - والنعيمي الشافعي في ثلاث صفحات.
٤٣ - والعليمي الحنبلي ترجمة مطولة في «المنهج الأحمد»، ومختصرة في «الدر المنضد». على نحو ابن رجب.
٤٤ - والداودي الشافعي ترجمة مختصرة.
٤٥ - وبا مخرمة الشافعي اليماني، مختصرة، منقولة من اليافعي اليماني.
٤٦ - والعدوي الشافعي ترجمة مختصرة.
1 / 17
٤٧ - وابن العماد الحنبلي ترجمة مطولة.
٤٨ - والمكناسي المالكي بسطور الوادي آشي.
٤٩ - والغزي الشافعي بثلاثة سطور.
٥٠ - والدهلوي الحنفي المُحَدِّث برسالة مفردة باسم «مناقب ابن تيمية» وهي في إعلان موالاته لسلامة معتقده.
٥١ - وياسين الموصلي الشافعي، ترجمة مختصرة.
٥٢ - والشوكاني المُحَدِّث. ترجمه ترجمةً مطولةً متميزةً بذكر مناقبه والدفاع عنه.
٥٣ - والكشميري المحدِّث، ترجمة حافلة مطوَّلة.
٥٤ - وصِدِّيق المحدِّث ترجمه في كتابين «أبجد العلوم»، و«التاج المكلَّل» مطولًا فيهما، مشبعًا ترجمته بالدفاع عنه.
٥٥ - الآلوسي الحنفي ترجمه ترجمةً مطولةً متميزة بالدفاع عنه.
وهذه التراجم لدى الشوكاني، والكشميري، وصِدِّيْق، والآلوسي، حافلة بنقول مختارة من الذهبي، وابن عبد الهادي، وغيرهما، وليس فيها ما يضاف لسوابقها مع طولها.
من هذا العرض يتبين الآتي:
١ - أن شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله تعالى ــ ترجم له سبعة عشر عالمًا من تلامذته وأصحابه، وهذه ميزةٌ قَلَّ أن تكون لِعَالم آخر، وهي أوثق المصادر في مواد التراجم، وتنافس الترجمة الذاتية في الاعتبار والتوثيق.
1 / 18
٢ - وترجم له عشرة من معاصريه الذين فات عليهم اللقاء به.
٣ - ومترجم في طبقات المفسرين، والمحدثين، وفقهاء الحنابلة باعتبار منزلته من هذه العلوم.
٤ - وفي كتب التراجم العامة، ترجم له علماء المذاهب الأربعة: أربعة من الحنفية، وسبعة من المالكية، وثمانية وعشرون من الشافعية، وأحد عشر من الحنابلة.
٥ - ومنهم من ترجمه في أكثر من كتاب، فالصفدي، وابن شاكر الكتبي، وابن حبيب، وابن حجر، والعليمي، وصِدِّيق كلُّ واحد منهم ترجمه في كتابين له. والمقريزي وابن تغري بردي كل واحد منهما ترجمه في ثلاثة كتب له، والذهبي ترجمه في تسعة كتب له.
٦ - وهذه التراجم منها التراجم الموعبة المطولة المشبعة بالمعلومات وهي ثلاث وعشرون ترجمة جلها لتلاميذه، وأوفاها على الإطلاق ترجمة تلميذه ابن عبد الهادي، ولم ينافسه إلا ابن رجب ــ رحم الله الجميع ــ وابن كثير في تاريخه، وهذه الثلاث هي عيون تراجمه.
٧ - ومنهم من حفلت ترجمته بنواحي متعددة، ومنهم من تميزت ترجمته له بذكر الوقائع والأحداث كما لدى الأئمة: ابن كثير، والنويري، والبرزالي، والمقريزي ــ رحمهم الله تعالى ــ.
٨ - ومنهم من كانت ترجمته في ناحية بعينها، مثل ابن رُشَيِّق في تسمية مؤلفاته، والغياني في جهاده في تكسير الأحجار وغيرها من الظواهر الوثنية.
1 / 19
٩ - ومنها ما كان سياق مؤلِّفها لها على طريقة السجع والترسل، وذلك في جواب ابن سيد الناس في ترجمته، وابن فضل الله، والصفدي، لكن لابن فضل الله فضل بيان، وانقياد ألفاظ، وكذا في كتابي ابن حبيب مع إيجازهما.
١٠ - ومنها تراجم مختصرة، بل بعضها برقيات في سطور معدودة، حسب طريقة المؤلف في كتابه.
١١ - وجميع هذه التراجم تفيد سيرة عطرة زكية، وفي بضع تراجم شابها ــ مع اختصارها ــ رَشْح من ضرائر الباطل، والبلاء المتناسل لدى خصومه، الذين عز عليهم الإذعان للدليل، فراغ عليهم ضربًا باليمين. مثل كلمة قيدها تلميذه الآفاقي الوادي آشي من أنه ركب شاذ الفتوى، وتابعه على هذا الشقاء عصريه اليافعي، ثم المكناسي بلا عزو، وهذا قول رَثٌّ، سرعان ما تساقط في ساحة قائله، وأصبح ما حكم بشذوذه بالأمس، هو المعتمد فتوى وقضاء اليوم، مثل: الطلاق الثلاث بلفظ واحد، والحلف به، وأن المشروع هو زيارة قبر النبي ﷺ لا شدّ الرحال إليه، وهكذا والله أعلم.
ومن هذه السيرة الجامعة الحافلة في هذا «الجامع» تستفاد الأمور الآتية:
الأمر الأول: الوقوف على المعلومات الجامدة، التي تساق لأي مُتَرْجَم، وإن تفاوت المترجِمون فيها، كُلٌّ حسب ما وهبه الله له. ومما يحسن ذكره هنا:
١ - أن سياق نسبه ثمانية آباء كما تقدم من سياق تلميذه ابن عبد الهادي دون غيره.
٢ - نسبته «النميري» من إفادات تلميذ تلامذته ابن ناصر الدين، وتابعه عليها العدوي في: «الزيارات».
1 / 20
٣ - و«تيمية» لقب لجده محمد، وهو الخامس من آبائه، وفي تعليلها قولان مشهوران.
٤ - و«الحراني» نسبة إلى بلدة مشهورة في الجزيرة بين الشام والعراق، وليست هي التي بقرب دمشق ولا التي في تركيا، ولا التي بقرب حلب.
٥ - ونَعْتُهُ ــ رحمه الله تعالى ــ: كان أبيض البشرة، أسود الرأس واللحية قليل شيب اللحية، شعر رأسه إلى شحمة أذنيه، ربعة من الرجال، بعيد ما بين المنكبين، أبيض العينين، جَهْوَرِيَّ الصوت فصيحًا سريع القراءة، تعتريه حدة ثم يقهرها بحلم وصفح، كأن عينيه لسانان ناطقان، إدا أخذ يتكلم ازدحمت العبارة في فمه.
٦ - لم يرث العلم عن كَلالَةٍ، وإنما نشأ في بيت علم منهم أبوه وجده المجد.
٧ - والدته: الشيخة الصالحة ست النِّعم بنت عبد الرحمن بن علي بن عبدوس الحرانية المتوفاة بدمشق سنة ٧١٦. وقد ولد لها تسعة ذكور، ولم ترزق بنتًا قط، منهم ثلاثة أشقاء شيخ الإسلام وهو أكبرهم، وزين الدِّين عبد الرحمن، وشرف الدِّين عبد الله، ومن إخوته لأمه بدر الدِّين قاسم بن محمد بن خالد المتوفى بدمشق سنة ٧١٧.
٨ - تفرع آل تيمية إلى دوحتين: آل عبد الله، وآل محمد، وشيخ الإسلام من آل عبد الله، وقد أحصيت مُشَجَّرَهم في: «المدخل المفصل: ١/ ٥٣٢ - ٥٣٦» وبينت وجود آل تيمية إلى أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
٩ - تجمع التراجم أن الشيخ هاجر مع والده وأهل بيته من حران إلى دمشق أثناء سنة ٦٦٧ والشيخ في السابعة من عمره، وذلك بسبب جور التتار.
1 / 21
١٠ - نشأ ــ رحمه الله تعالى ــ في تصوُّن تام وعفاف وتألُّه واقتصاد في المأكل والملبس، بَرًّا بوالديه تقيًّا ورعًا عابدًا ناسكًا صوامًا قوامًا.
١١ - أخذ عن أكثر من مائتي شيخ، كلهم دماشقة، وجُلُّهم حنابلة، وكان أول سماعه من ابن عبد الدايم بدمشق، وهو في السابعة من عمره، ومجموع من سمي منهم في هذا «الجامع» ستة وثلاثون شيخًا.
١٢ - أوائل في حياته تدل على النبوغ المبكر:
- تعلم الخط والحساب في الكُتَّاب.
- حفظ القرآن وهو في الصِّغر.
- أتقن العلوم من التفسير والحديث والفقه والأصول والعربية والتاريخ والجبر والمقابلة والمنطق والهيئة وعلم أهل الكتابين والملل الأخرى، وعلم أهل البدع، وغيرها وهو ابن بضع عشرة سنة، حتى إنه حذق العربية في أيام، وفهم كتاب سيبويه في أيام، وفي الحديث سَمِع المسند مرات وما ضبطت عليه لحنة متفق عليها، وكان إقباله على التفسير إقبالًا كليًّا منقطع النظير.
- ناظر واستدل وهو دون البلوغ.
- أفتى في سن السابعة عشرة من عمره أي سنة ٦٧٧.
- دَرَّس في الحادية والعشرين من عمره أي سنة ٦٨١ بعد موت أبيه في المدرسة السكرية، وتولى مشيختها يوم الاثنين ٢/ ١/ ٦٨٣.
- بدأ درس التفسير بالجامع الأموي في ١٠/ ٢/ ٦٩١ أي وهو ابن ثلاثين سنة، واستمر سنين متطاولة.
1 / 22
- حَجَّ مرة واحدة سنة ٦٩٢ أي وعمره ٣١ سنة، وبعد عودته من الحجِّ آلت إليه الإمامة في العلم والدين.
- نشر العلم في: دمشق، ومصر، والقاهرة، والإسكندرية، وفي سجونها، وفي الثغر.
- دَرَّس بالمدرسة الحنبلية في يوم الأربعاء ١٧/ ٨/ ٦٩٥.
- أول رحلاته إلى مصر في القاهرة والإسكندرية مرتان سنة ٧٠٠، ثم عاد إلى دمشق، ثم رجع إلى مصر سنة ٧٠٤، وكانت إقامته بها نحو سبع سنين وسبع جمع أي إلى سنة ٧١٢ متنقلًا في جلها بين سجون القاهرة والإسكندرية.
- بدأ في التأليف وهو ابن سبع عشرة سنة.
وهكذا من البدايات المبكرة الدالة على نبوغه، وتأهله للاجتهاد والتجديد والإمامة في العلم والدين.
الأمر الثاني: الوقوف على مواطن القوة في ترجمته:
في الحديث الذي أخرجه مسلم أن النبي ﷺ قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن».
ومن نظر في ترجمة شيخ الإسلام ــ رحمه الله تعالى ــ وجد أن الله سبحانه قد منحه أسباب القوة التي تبنى عليها قبة النصر وهي: الثبات، واللهج بذكر الله تعالى، وطاعة الله وطاعة رسوله ﷺ، والاتفاق مع أنصار الإسلام والسنة، والصبر، وقد قال الله تعالى: ﴿(٤٤) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ
1 / 23
فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٤٥ - ٤٦].
ومن مظاهر القوة في شيخ الإسلام ــ رحمه الله تعالى ــ:
- ما رزقه الله من قوة البدن واعتداله، وقوة الأداء في صوته، فقد كان جَهْوَريًّا، يستولي على قلوب سامعيه.
- قوة الحفظ فقد بَهَرَ الفضلاء بذلك، وقلما حفظ شيئًا فنسيه، وقد كان يحفظ «المحلى» لابن حزم ويستظهره، وكان أول محفوظاته من الحديث: «الجمع بين الصحيحين» للحميدي، وقل من يحفظ ما يحفظه من الحديث معزوًا، مع شدة استحضاره له وقت الدليل.
- قوته في فرط ذكائه، وسيلان ذهنه، وسرعة إدراكه؛ ولهذا قيل عنه: «كأن عَيْنيه لسانان ناطقان».
- تواريخ لها مدلولاتها على قوته ونبوغه المبكر:
- ناظر وهو دون البلوغ، وكان يحضر المدارس والمحافل في صغره فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما يتحير منه أعيان البلد في العلم، ولا يعرف أنه ناظر أحدًا فانقطع معه.
- أفتى في سن السابعة عشرة من عمره، أي سنة ٦٧٧، وكان الشرف أحمد بن نعمة المقدسي الحنبلي المتوفى سنة ٦٩٤ هو الذي أذن له بالفتيا وكان يفتخر بذلك.
- بدأ التأليف وهو في سن السابعة عشرة من عمره أي سنة ٦٧٧.
1 / 24
- دَرَّس وهو في الحادية والعشرين من عمره، أي سنة ٦٨١.
- وكان أول دروسه بعد وفاة أبيه في مدرسة الحديث السكرية، وتولى مشيختها في يوم الاثنين ٢/ ١/ ٦٨٣.
- بدأ درس التفسير في ١٠/ ٢/ ٦٩١ أي وعمره ثلاثون سنة، واستمر مدة سنين متطاولة وقد انعقدت له الإمامة في التفسير وعلوم القرآن الكريم، وقد أقبل عليه إقبالًا كليًّا حتى حاز فيه قصب السبق؛ ويقال: إنه وضع تفسيرًا مطولًا أتى فيه بالغريب العجيب.
- قوته في الطلب والتلقي والأخذ عن الشيوخ، حتى دار في دمشق على أكثر من مائتي شيخ.
- قوته في البحث والقراءة والمطالعة، فلا تكاد نفسه تشبع من العلم، ولا تروى من المطالعة، ولا تمل من الاشتغال، ولا تكل من البحث.
- قوته في ضبط النفس والسيطرة عليها من ملاذ الدنيا، فلا لذة له إلا في نشر العلم وتدوينه والعمل به.
ولهذه القوة مظاهر:
- رفضه للأعطيات.
- قناعته بما له من المعلوم الذي يسدُّ حاجته على يد أخيه الشرف وهو القائم بشؤونه ومصالحه.
- ما تزوج ولا تسرَّى قط لا رغبة عن هذه السنة، لكنه مثقل الظهر بهموم العلم والدعوة والجهاد.
1 / 25
- قوته في مواقفه الجهادية، والمغازي الإسلامية، وكسر شوكة الملاحدة والباطنية، كما في وقعة شقحب، والكسروان، وموقفه مع غازان، حتى وصفت شجاعته بأنها «خالدية».
- قوته في حياته الجادة التي لا تعرف الهزل، فضلًا عن سافل الأخلاق من الغيبة والنميمة، فقد كان ــ رحمه الله تعالى ــ في غاية التنزه من الغيبة والنميمة، وما عرفت عثرة له في شيء من ذلك، وكانت مجالسه عامرة بالخير لا يجرؤ المغتابون على غشيانها.
- قوته في مواقفه مع الولاة، في النصح والأمر والنهي.
- قوته في تعبده، وتألهه، ومداومة الذكر، والأوراد، لا يشغله عن هذا شاغل ولا يصرفه صارف.
فأين من يظهر القوة في الحق وإذا حضرت العبادات تثاقلت أعضاؤه، وأصيب بالخمول، على حد ما ذكره الإمام الشافعي ــ رحمه الله تعالى ــ من العجائب التي شهدها وعد منها: أنه رأى مغنِّيًا بالمدينة يعلم الجواري الغناء وعمره ٩٠ سنة وهو قائم، فإذا حضر وقت الصلاة، صلى وهو جالس ــ نعوذ بالله من الحرمان ــ. كما في «طبقات السبكي»: (٢/ ٩٩).
- قوته في تفجير دلالات النصوص، وشق الأنهار منها، واستخراج كنوزها، وهذه وحدها تعطي طالب العلم دفعة إلى إدامة النظر في كتبه وقراءتها مرة بعد أخرى.
- قوته في التأليف: بدأ ــ رحمه الله تعالى ــ التأليف وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان من أفراد الدهر في كثرة تآليفه، فلا يُعْلم في الإسلام من صنَّف نحو
1 / 26