وإذا ثبت بقول الواحد، ثبتت بقيَّةُ الأحكام، جزم به صاحب «المحرر» في مسألة الغيم. وقال القاضي في مسألة الغيم - مفرِّقًا بين الصوم وبين غيره -: قد يثبت الصوم بما لا يثبت الطلاق والعتق، ويحل الدَّيْن وهو شهادة عدل. ويأتي: إذا علَّقَ طلاقها بالحمل، فشهد به امرأة، هل تطلُقُ؟
ولا يقبل في بقية الشهور إلا رجلان (وم ش) لا واحد، حكاه الترمذي (ع) خلافا لأبي ثور وغيره، وفي «الرعاية»: وعنه: يُقبَلُ في هلال شوَّالٍ قول عَدْلٍ واحد، بموضع ليس فيه غيره، لا رجل وامرأتان (هـ)؛ لأنه يقبل ذلك في غير العقوبات، ولا يعتبر التواتر في العيدين مع الغيم (هـ) .
فصل: ومن صام بشاهدين ثلاثين يومًا
ومن صام بشاهدين ثلاثين يومًا، ولم يره إذَنْ أحد، أفطر، وقيل: لا مع صحو. واختاره في «المستوعب»، وأبو محمدٍ ابن الجوزي لأن عدم الهلال يقين، فيُقدَّم على الظن، وهي الشهادة. وعلى الأول فيمن صام بقول واحد وجهان، وقيل: روايتان، وقيل: لا فطر مع الغيم، اختاره صاحب «المحرر» (وهـ) والأصح للشافعية (١) .
وإن صاموا لأجل الغيم، لم يفطروا؛ لأن الصوم إنما كان احتياطا، فمع موافقته للأصل - وهو بقاء رمضان - أوْلى وقيل: بلى. قال صاحبُ «الرعاية»: إن صاموا جزمًا مع الغيم، أفطروا، وإلا فلا، فعلى الأول: إن غُمَّ هلال شعبان، وهلال رمضان، فقد نصوم اثنين وثلاثين يومًا، حيث نقصنا رجبًا وشعبان، وكانا كاملين، وكذا الزيادة إن غم هلال رمضان وشوال، وأكملنا شعبان ورمضان وكانا ناقصين. وفي «المستوعب»: وعلى هذا فَقِسْ. وليس مراده مطلقا.
(١) هذه المسألة مهمة، وهي: إذا صاموا بشهادة اثنين، ثم تم الشهر ثلاثين ولم ير الهلال، فهل نفطر أو لا نفطر؟ هنا ذكر القولين، وقال: إذا لم يُر فشهادة الشاهدين عن ظن؛ لأن عدم الرؤية يقين، وشهادة الشاهدين ظن، لكن الأصح أنه إذا صاموا بشهادة اثنين أفطروا، سواء كانت غيمًا أم صحوًا.