The Clearest Exegesis
أوضح التفاسير
Maison d'édition
المطبعة المصرية ومكتبتها
Numéro d'édition
السادسة
Année de publication
رمضان ١٣٨٣ هـ - فبراير ١٩٦٤ م
Genres
﴿يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا﴾ كلٌ نهي جاء مصحوبًا بنداء المؤمنين: ﴿يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ فهو من المحرمات؛ التي يأثم فاعلها، ويثاب تاركها: ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ ﴿لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ ﴿لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ ﴿لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ﴾ وأمثال ذلك. وأكل الربا من أفحش الموبقات المنهي عنها؛ خاصة إن كانت ﴿أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً﴾ وهو ما يسميه الربويون بالفوائد المركبة؛ وهو أن يضم المرابي فوائد الدين إلى أصله، ويحتسب الدين وفوائده وفوائد الفوائد؛ وهكذا حتى يتضاعف الدين ﴿أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً﴾ وليس معنى الآية: إباحة الربا إذا لم يكن أضعافًا مضاعفة؛ بل هو حرام قل أو كثر، ضوعف أو لم يضاعف؛ ويأثم فاعله؛ ويكفر مستحله لقوله تعالى:
﴿وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ الذين لا يطيعون الله فيما أمر، ولا يعبأون بتهديده ووعيده
﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ أي بادروا لفعل ما يوصل إليها؛ من فعل الطيبات، واجتناب المحرمات سارعوا إلى ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ﴾ هذا عرضها فكيف بطولها؟ والمراد بذلك وصفها بالسعة والبسط؛ فشبهها تعالى بأوسع ما علمه الناس وألفوه. أما وصفها الحقيقي: فهو ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب شر ﴿أُعِدَّتْ﴾ هذه الجنة، التي هذا وصفها، وهذه سعتها ﴿لِّلْمُتَّقِينَ﴾ الذين يرجون رحمة ربهم، ويخافون عذابه ووصف الله تعالى المتقين بقوله:
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ﴾ مما آتيناهم ﴿فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ﴾ في اليسر والعسر، في السعة والضيق، في السرور والحزن؛ لا يمنعهم مانع عن الإنفاق والإعطاء؛ أليس هذا أمر ربهم، وتوجيهه لهم؟ ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ يقال: كظم غيظه: إذا حبسه ومنعه ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ إذا صدر منهم ما يستوجب المؤاخذة
﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً﴾ الفاحشة: الفعلة القبيحة، الخارجة عما أمر الله تعالى به. وقيل: الفاحشة: الزنا ﴿أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ﴾ بارتكاب المعاصي، وتعريضها للعقاب ﴿ذَكَرُواْ اللَّهَ﴾ تذكروا أمره ونهيه، وثوابه وعقابه ﴿فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ﴾ طلبوا منه تعالى غفرانها، وعاهدوه على تركها وعدم العودة إليها ﴿وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾ أي لا أحد يغفرها ويمحوها سواه تعالى؛ بشرط الاستغفار، وعدم الإصرار ﴿وَلَمْ يُصِرُّواْ﴾ أي لم يقيموا ﴿عَلَى مَا فَعَلُواْ﴾ من الذنوب التي استوجبت الاستغفار وإلا فالعائد إلى ذنبه، كالمستهزىء بربه ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أن ما يفعلونه من الآثام.
1 / 78