75

The Clearest Exegesis

أوضح التفاسير

Maison d'édition

المطبعة المصرية ومكتبتها

Numéro d'édition

السادسة

Année de publication

رمضان ١٣٨٣ هـ - فبراير ١٩٦٤ م

Genres

﴿وَلاَ تُؤْمِنُواْ﴾ لا تصدقوا ولا تطمئنوا في هذا السر الذي اتفقنا عليه ﴿إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ﴾ لئلا يطلع المسلمون عليه ﴿أَن يُؤْتَى﴾ بأن يؤتى ﴿أَحَدٌ﴾ من المؤمنين ﴿مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ﴾ من المعجزات والتوراة، وفلق البحر، والمن والسلوى، وأشباه ذلك ﴿أَوْ يُحَآجُّوكُمْ﴾ يجادلكم المؤمنون يوم القيامة ﴿عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ لأنكم أصح دينًا. قال تعالى ردًا عليهم: مخاطبًا خاتم الرسل ﵊ ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ﴾ كله ﴿بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ﴾ وقد آتاك النبوة، وأنزل عليك الكتاب بالحق
﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ اليهود ﴿مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ﴾ من الذهب؛ والمراد به المال الكثير ﴿يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ لأمانته ﴿ق﴾ واحد ﴿لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ لخيانته ﴿إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا﴾ أي ملحًا بالمطالبة والمقاضاة. وهو تحذير من معاملتهم وعدم الاغترار بأمانة بعضهم ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ﴾ أي العرب ﴿سَبِيلٍ﴾ طريق للإثم؛ وذلك لأن اليهود لعنهم الله تعالى يستحلون أكل مال من عداهم من الأمم - مسلمين، أو نصارى، أو غيرهما - ويزعمون أن الله بذلك أمرهم. قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ بنسبة ذلك الإفك إليه؛ وقد أمر تعالى بالوفاء بالعقود والعهود والوعود - للمسلمين والكافرين على السواء - وقد حض على ذلك بقوله جل شأنه
﴿بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ﴾ أدى أمانته ﴿وَاتَّقَى﴾ الله ربه في سائر معاملاته ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ فيعزهم في الدنيا، ويكرمهم وينعمهم في الآخرة
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ﴾ يستبدلون ﴿بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ أي يستبدلون الصدق والوفاء والأمانة بالكذب والإخلاف والخيانة؛ نظير ثمن قليل هو حطام الدنيا الزائل الفاني وذلك كمن يتفق مع آخر على بيع سلعة من السلع؛ فيزيد له إنسان في ثمنها فيبيعها له، وينقض اتفاقه مع الأول. أو من يخطب ابنة إنسان؛ فيعاهده أبوها على تزويجها له نظير مهر مقدر بينهما؛ فيأتي آخر فيزوجها له نظير زيادة في المهر. أو كمن يحلف ببراءته من دين هو عليه. قال: «من حلف على يمين يقتطع بها مال امرىء مسلم: لقي الله تعالى وهو عليه غضبان» وكيف يرجو الخير من يلقى الله تعالى يوم القيامة وهو عليه غضبان؟ أعاذنا الله تعالى من غضبه، وأنجانا من سخطه ومن علينا برضاه يوم نلقاه ﴿أُوْلَئِكَ﴾ الذين اشتروا بعهد الله وأيمانهم ثمنًا ⦗٧٠⦘ قليلًا ﴿لاَ خَلاَقَ﴾ لا نصيب ﴿لَهُمْ فِي الآخِرَةِ﴾ من النعيم، والثواب المقيم ﴿وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ نظر عطف ورحمة، ولا يرعاهم ﴿وَلاَ يُزَكِّيهِمْ﴾ لا يطهرهم من ذنوبهم

1 / 69