290

The Clearest Exegesis

أوضح التفاسير

Maison d'édition

المطبعة المصرية ومكتبتها

Édition

السادسة

Année de publication

رمضان ١٣٨٣ هـ - فبراير ١٩٦٤ م

Régions
Égypte
﴿أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ﴾ تدعوهن لمجلسها ﴿وَأَعْتَدَتْ﴾ أعدت ﴿لَهُنَّ مُتَّكَئًا﴾ مجلسًا للطعام؛ أعدت فيه ما يتكأ عليه من الوسائد والنمارق، أو أعدت لهن فاكهة يتكأ عليها عند قطعها؛ كالأترج مثلًا ﴿وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ﴾ ليوسف ﴿اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ﴾ فخرج ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾ أعظمنه. وقيل: أكبرن: أي حضن، والهاء للسكت؛ وهو تأويل ليس بشيء ﴿وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ﴾ من شدة ذهولهن مما رأينه من جمال يوسف ﵇ وصباحة وجهه؛ لم يشعرن بالسكاكين وقد جرحت أيديهن ﴿وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ﴾ تنزيهًا لله؛ وهو لفظ خاص به تعالى: فلا يقال: حاش لك، بل حاشاك، وحاشا لك
﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾ كسائر البشر ﴿إِنْ هَذَآ﴾ ما هذا ﴿إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ وصفنه بالملكية؛ لأنه من المعلوم ألا شيء أجمل من الملك، ولا شيء أقبح من الشيطان
﴿قَالَتْ فَذلِكُنَّ﴾ أي فهذا هو ﴿الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ﴾ من الإرادة؛ أي طلبته بنفسي لنفسي ﴿فَاسَتَعْصَمَ﴾ امتنع، وتحصن بالعصمة، ومنع نفسه من أن أناله ﴿وَلَيَكُونًا مِّن الصَّاغِرِينَ﴾ الذليلين. ووجه العظة مما مضى من هذه القصة: أنه لا يجوز لعاقل أن يضم في بيته شابًا ممتلئًا قوة وفتوة وجمالًا؛ ويدعه مع امرأته تجتاحها عواصف الشهوة، وتهتاجها أعاصير الخطيئة، ويدع للشيطان بينهما مجالًا وأي مجال، بل الواجب أن يلتزم حدود الدين الحنيف، وأوامر الخالق جل شأنه ﴿قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ (انظر مبحث التبرج والسفور بآخر الكتاب)
﴿وَإِلاَّ تَصْرِفْ﴾ وإن لم تصرف ﴿عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ﴾ أمل ﴿إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾ المذنبين
﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ﴾ أجاب دعوته، وصرف عنه كيدهن ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لمن يدعوه ﴿الْعَلِيمُ﴾ بحال خلقه
﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ﴾ الدالة على براءته مما نسب إليه، وألصق به ﴿لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ أي إلى أن ينقطع كلام الناس وينسون ما حصل بينه وبين امرأة العزيز؛ وأدخل يوسف السجن، مع من أدخل من العصاة والمجرمين
﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ﴾ بعد فترة من الزمن قضوها في السجن ﴿إِنِّي أَرَانِي﴾ أي أرى نفسي في المنام
﴿أَعْصِرُ خَمْرًا﴾ أي أعصر عنبًا، فيصير خمرًا

1 / 284