النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Mohamed Tahar Ben Achour d. 1393 AH
42

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Maison d'édition

دار سحنون للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Lieu d'édition

دار السلام للطباعة والنشر

Genres

علمهم فضيلة الصبر والتعفف من أجل أن سؤال الرسول وولاة الأمر من مال الله ليس بمنهي عنه، إلا إذا أريد به التكثر والحرص والاستئثار به عن مستحقيه. وقع فيه قول رسول الله ﷺ[٢: ١٥٢، ٣]: «والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبلة فيختطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلًا فيسأله أعطاه أو منعه». فقوله «خير» تفضيل لا محالة، لوجود (من) التفضيلية معه، والتفضيل ظاهر: وهو أن في السؤال خيرًا مرجوًا، وهو حصول العطاء، وفي الاحتطاب خير أفضل؛ لأنه حصول نفع محقق ومعه عزة النفس. وقوله: «أعطاه أو منعه» حالان مقدران، أي مقدرًا أنه يعطيه، وتلك حالة خير في الجملة. وقوله: «أو منعه» ارتقاء في التحذير من السؤال، وهو أنه قد يكون معه المنع فلا يحصل فيه خير للسائل، وتحصل له مذلة السؤال وخيبة المنع. * * * باب قوله تعالى: ﴿لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣] فيه حديث أبي هريرة [٢: ١٥٣، ١٤]: (إن رسول الله ﷺ قال: «ليس المسكين الذين ترده الأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي ليس له غنى ويستحي»). ذكر رسول الله ﷺ صنفين من المساكين: متعارف وخفي، وجاء بما يدل على حصر المسكنة في الصنف الخفي، فنفى المسكنة عن المسكين الذي من عادته سؤال الناس، وهو الذي كني عنه بقوله: «الذي ترده الأكلة والأكلتان»، أي الذي يسأل فيرجع إذا أعطي أكلة أو أكلتين. ووجه نفي وصف المسكنة عن هذا أنه يقصد الناس فيعرفون أنه مسكين فيواسونه بما يزيل حاجته، فكان مسكنته منفية لأجل سرعة زوالها في وقت اشتدادها، فنفى المسكنة عن هذا نفي ادعائي لقصد المبالغة في ضعف أثر تلك المسكنة.

1 / 46