175

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Maison d'édition

دار سحنون للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Lieu d'édition

دار السلام للطباعة والنشر

Genres

غريبة لا يوثق بصحتها لانفراد أبي أسامة بها دون جميع من روى خبر الإفك. وأبو أسامة وثقة أحمد بن حنبل. واحترز منه البخاري فلم يسند عنه هذا الحديث. وهذه الجملة مشكلة فقوله: «فقلت» الظاهر أنها أرادت: فقلت في نفسي؛ لأنها ذكرت في هذا الحديث وغيره أنها لم تستطع الجواب، فقلت لأبي بكر: أجب رسول الله، وقالت لأم رومان أجيبي رسول الله. والمعنى: فقلت في نفسي متأسفة لعل هذه المرأة تذكر للناس شيئًا مما تسمعه ظانة أن رسول الله ﷺ استيقن خبر الإفك. وقولها: «ألا تستحي» خطاب لنفسها، لتحمل نفسها على الغضب، فتجيب رسول الله ﷺ حيث وجدت نفسها لا تستطيع الكلام. وقد يدل على صحة هذا التفسير قولها بعد ذلك: «وكنت أشد ما كنت غضبًا». وقال الشارحون: الخطاب منها لرسول الله ﷺ، أي على سبيل العتاب تقول: ألا تترك الكلام في هذا بمسمع من امرأة أجنبية لعلها تذكر للناس شيئًا على حسب فهمها لا يليق ببراءة أهلك. وعندي على هذا الاحتمال في الخطاب أن عائشة لصغر سنها قاست تصرفات الرسول ﷺ على تصرفات الناس في معتادهم؛ إذ يسكتون عن الحق بدافع الحياء أو توقع السمعة، وغاب عنها أن الرسول ﷺ لا يستحي من الحق؛ لأن له في مثل هذه الحالة صفتين؛ صفة خاصة، وهي كونه زوجًا، وصفة عامة، وهي صفة الإرشاد والموعظة. وقد أمره الله أن يقول ما قاله؛ لأن في ذلك إظهار براءة عائشة ﵁ بمبرات كثيرة، وما عليه أن تذكر المرأة الأنصارية ذلك أو لا تذكره، وقد كان كلام رسول الله ﷺ ذلك مقدمة لنزول الوحي ببراءة عائشة في ذلك المجلس. والله أعلم. * * * باب ﴿وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] فيه قول سعيد بن جبير [٦: ١٣٨، ١١]: «سألت ابن عباس ﵁ عن قوله تعالى: ﴿فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾ [النساء: ٩٣] قال: لا توبة له».

1 / 179