النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Mohamed Tahar Ben Achour d. 1393 AH
151

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Maison d'édition

دار سحنون للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Lieu d'édition

دار السلام للطباعة والنشر

Genres

يصيبكم مثل ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين» ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي). يحتمل أن يكون قوله: «أن يصيبكم مثل ما أصابهم» متعلقًا بقوله: «باكين» قُدم عليه في رواية عبد الرزاق للاهتمام؛ لأنه ثبت هنا من رواية ابن بكير عن بكير عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر هنا، وفي رواية عبد الله بن المبارك عن معمر في باب قوله تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾ [الأعراف: ٧٣] من كتاب بدء الخلق تقديم: «إلا أن تكون باكين» على قوله: «أن يصيبكم ...» إلخ، فيكون النهي عن دخول مساكن المعذبين في حال هزء أو الأسف على فقدهم. كما كانت تفعله الجاهلية أسفًا على أسلافهم في مثل قوله: وماذا بالقليب قليب بدر ... من الشيزى تُزين بالسنام فالمعنى: إلا أن يكون دخول اتعاظ واعتبار. وهو معنى قوله: «إلا أن تكونوا باكين»، أي خائفين خاشعين لله من أن تصيبكم مثل ما أصابهم، فأطلق البكاء على الضراعة والخشوع كقوله تعالى: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الحجر: ١٠٩] وإلا فإن مجرد الدخول لديارهم لا يقتضي أن يصيب الداخل مثل ما أصابهم؛ لأنه لم يأت من الجرم ما أتوا به. ويحتمل أن يكون قوله: «أن يصيبكم» تعليق للنهي عن الدخول إلى ديارهم، وأن «إلا أن تكونوا باكين» استثناء لحالة الترخيص في الدخول. * * * ووقع في باب ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ﴾ [الحجر: ٨٠] من كتاب التفسير رواية معن عن مالك عن عبد الله بن دينار [٦: ١٠١، ١٨]: (لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يُصيبكم مثل ما أصابهم). ولا شك أن في ذلك تقديمًا وتأخيرًا إلا أنه أخف مما في رواية سالم عن ابن عمر. ويكون ذلك ناظرًا إلى قوله تعالى: ﴿فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [القصص: ٥٨] وأن الله لغضبه عليهم قدر أن تبقى ديارهم خرابًا لا يسكنها قوم آخرون إلا قليلًا، أي قليلًا من السكنى. وهو استثناء منقطع. أريد بالمستثنى إقامة المسافرين والمتعظين،

1 / 155