فإن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والداعية إلى الله لا بد أن يحصل له أذى، فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح، ولهذا أمر الله الرسل - وهم أئمة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر- بالصبر، كما قال تعالى لخاتم الرسل: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ (١) .
بل الأمر بالصبر مقرون بتبليغ الرسالة، حيث افتتح الله آيات الإرسال إلى الخلق بالأمر بالنذارة، ونفس الإنذار أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وختمها بالأمر بالصبر، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ ﴿وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ﴾ (٢) فدل ذلك على أن الصبر يجب بعد الأمر والنهي.
وفي وصية لقمان لابنه الأمر بالصبر في قوله تعالى: ﴿يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ (٣) .