ورأيت المناسب ها هنا أن أدرج أولًا الأصول السبعين المتعلقة بتراجم البخاري المستنبطة من كلام المشايخ التي ذكرتها في "مقدمة لامع الدراري" حتى تجتمع مواد التراجم كلها في موضع واحد، وقد ذكرت في بدايتها أن المشايخ قد ألَّفوا في تراجم البخاري تأليفات كثيرة، ولكن في يومنا هذا ليست لدينا إلا رسالتين فقط، إحداهما تأليف أستاذ الأساتذة مسند الهند الشاه ولي الله الدهلوي، رسالة وجيزة مسماة "بشرح تراجم البخاري"، وستأتي جملة ما بها من المعاني في مواضعها من هذا التأليف إن شاء الله تعالى، والرسالة الثانية من تأليف أستاذ الهند شيخ المشايخ مولانا الحاج محمود حسن المعروف بشيخ الهند، رئيس المدرسين بالجامعة القاسمية المعروفة بدار العلوم بديوبند، المسمَّاة بـ "الأبواب والتراجم"، وقد شرح التراجم إلى آخر كتاب العلم إلا الترجمة الأخيرة منها باللغة الأردية، وقد أدرجتها بأسرها في هذه الرسالة، وأيضًا قد ذكر حضرة شيخ الهند في رسالته بتحقيقه وتنقيحه وتفحُّصه فهرسًا لبعض أبواب البخاري، وليس فيها شيء من كلامه، إنما هي إشارات فقط، وسيأتي تفصيلها في موضعها إن شاء الله تعالى.
وقد استوعبت بتوضيح تراجم شيخ الهند قُدِّس سرُّه لرؤيا رأيتها في بداية دراسة البخاري، فإني قد قرأت "صحيح البخاري" وأكثر كتب الحديث مرتين، كما ذكرت ذلك في بداية مقدمة "لامع الدراري" في ذيل أسانيد هذا الفقير، أولًا: في سنة أربع وثلاثين من الهجرة على والدي المرحوم قدّس الله سرّه العزيز، وثانيًا: من سنة خمس وثلاثين في سنين متفرقة على شيخي ومرشدي حضرة مولانا الحاج خليل أحمد المحدث السهارنفوري المهاجر المدني شارح أبي داود قدّس الله سرّه العزيز، وقد ذكرت تفصيل ذلك في رسالتي المسمَّاة بآب بيتي (يعني: قصة حياتي) باللغة الأردية، وهذا تعريبه مختصرًا:
إني كنت قد عزمت أولًا أن أقرأ جامعَي البخاري والترمذي على شيخي المكرم حضرة المحدث السهارنفوري؛ إذ كان ﵀ مختصًا